الخطة الوطنية لمكافحة سرقة السيارات خطوة هامة وفي الإتجاه الصحيح

في ظل الضوضاء والتحديات الكبيرة التي تواجه العالم خاصة في ظل الحرب الهمجية التي يشنها جيش الإحتلال الإسرائيلي على الفلسطينين في قطاع غزة والضفة الغربية وما يسببه ذلك من أرق كبير وضغط نفسي هائل على المجتمعات العربية وغيرها في كندا حيث أن هناك ظاهرة خطيرة جداً بدأت تتنامي بشكل مخيف وبالغ التعقيد من خلال شبكات منظمة منها أفراد عرب باتوا يحترفون العمليات الإجرامية ومنها سرقة السيارات.

هذا الأمر إستدعى مؤخراً لدفع الحكومة الكندية للإعلان عن خطة وطنية شاملة لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة وقد رصدت ميزانية كبيرة للعمل على تنفيذ هذه الخطة التي باتت تمثل ضرورة مُلِحَة لمواجهة خطراً كبيراً على الإقتصاد المحلي وعلى الأمن القومي الكندي.

هذا وقد لاحظنا في المرحلة الأخيرة قوة ردع الشرطة المدنية وهي تعتقل وتلاحق هذه الشبكات بالغة الخطورة وتواجه جرأة العصابات والأفراد الذين يقومون بهذه الممارسات الإجرامية حيث أنهم باتوا يتفقون مع بعض أصحاب السيارات من أصحاب النفوس المريضة في بعض الأحيان مقابل مبلغ من المال بعد أن يتم تبليغ شركة التأمين لأخذ تعويض يتناسب مع قيمة سعر السيارة في السوق في الوقت الذي تتم فيه عملية السرقة الإجرامية.

من طرفنا بحثنا في هذا الأمر حتى نعرف إن كانت هذه الظاهرة جديدة على المجتمع أم أن لها جذور عميقة.

إتضح لنا أن هذه الظاهرة قديمة وللأسف الشديد أن تراخي الحالة الأمنية بالتعاطي مع مخاطرها من الأساس والعمل على إقتلاعها من جذورها جعلها تتجرأ وتنمو وتكبر أكثر وأكثر وتضيف أعضاءا مجرمين جدد في هذا المسار الخياني الذي يستهدف إقتصاد وأمن الدولة وإستقرارها.

هذا الأمر بات يتطور بأساليب أكثر إجراماً مع تحول أنظمة السيارات إلى الحالة الرقمية مما جعل الكثير من موديلات السيارات الحديثة فريسة سهلة لعمليات القرصنة والسرقات التي تتم وبعد تفكيكها وبيعها كقطع غيار للسيارت أو إخراجها لخارج البلاد لبيعها بمبالغ ضخمة أو إستخدامها في عمليات إرهابية في الخارج.

الملفت للنظر في هذا الأمر أنه إزداد شراسة وتوسعاً وتجديداً في اساليب عمليات النصب والإحتيال خلال فترة جائحة كورونا وما تلاها وخاصة في العاصمة الكندية أوتاوا  ومونتريال وتورنتو، وهذا دفع البعض من أصحاب الميول الإجرامية الشاذة والباحثين عن الإغتناء السريع من ابناء الجالية العربية للبحث عن كيفية الإنخراط في مثل هذه العمليات الإجرامية التي أفسحت المجال أيضاً أمام عميات إجرامية أكثر توسعاً ومنها تبييض الأموال بعد الحصول عليها من وراء هذه السرقات ومن ثم الدفع بهذه الأموال المكتسبة بطريقة غير شرعية لشراء العقارات كاش ظناً منهم أن هذا يصبح إستثماراً قانونياً بعيداً عن الشبهات الإجرامية التي يقوم بها بعض الأفراد الذين إحترفوا مثل هذه المهنة الإجرامية بالغة الخطورة، وذلك لربما بالتواطؤ مع مكاتب محامينقانونيين يوفروا لهم الحماية والمظلة القانونية من خلال إستغلال بعض ثغرات القانون ، التي تجعلهم طلقاء بعيداً عن المحاسبة القانونية التي يستحقونها ومن المفترض أن ترتدعهم لتضمن سلامة المجتمع وخلوه من الجريمة.

هذا الأمر يؤكد على ضرورة إتباع سياسة الردع المبكر وسن قوانين خاصة لإجتثاث هؤلاء الأفراد الذين تسول لهم أنفسهم بالإنخراط بمثل هذه الأمور الإجرامية وذلك من خلال عقوبات فورية وصارمة ومشددة حتى لو وصلت لحد الطرد الفوري من البلاد أو السجن بأقصى العقوبة.

في تقديري أن سرقة السيارات لا تقل خطورة عنالمفهوم الإرهابي أو الحادث الذي قام به شاب هندي لاجئ لكندا والذي صدر بحقه مؤخراً قرار ترحيل من البلاد.

أعتقد أنه حتى يكون هناك ردعاً قوياً في هذاالسياق خاصة فيما يتعلق بالأمور التي تمس الأمن القومي والإقتصاد الوطني بدلائل قاطعة، يجب أن لا يكون هناك مجال للإعتراض أو التهاون وأن تكون هناك قرارات الترحيل مصاحبة للعقوبة القانونية محلياً وإقيلميا ودولياً غير القابلة للتأجيل أو النقض لمحاصرة هؤلاء المجرمين وملاحقتهم في كل مكان حتى يتم القضاء على هذه الظاهرة كلياً.

هنا أود التوضيح بأن هذه الخطوات لا تمس بالمطلق حقوق الإنسان أو التعدي على كرامته أو سلب حريته بالدفاع عن نفسه وإنما ترسخ  ثقافة الحفاظ على أمن البلد والمجتمع والفرد كأولوية قصوى، وبالتالي تكون رادعاً قوياً لكل من توسل له نفسه بأن يتجرأ على الإنخراط في مثل هذه الأمور التي تمس أمن البلد والمواطن وسلامتهما.

إن التراخي مع هذه القضايا وعدم وجود خطة واضحة ورؤية رادعة شاملة افسحت المجال  بلا شك أمام تنامي قوة العصابات في ممارسة الجريمة وعمليات القتل والخطف والإستغلال الجنسي وتبييض الأموال لا بل تجاوز هؤلاء كل الحدود وتحدي الضوابط الأمنية والسقوط في مستنقعات تشجيع الفساد الفردي والفكري والسلوكي، وذلك لربما يكون من ممارسة الرشوةتحت مسميات متعددة وإستغلالاً لظروف أمنية تعطي الأولوية لربما لأشياء أكثر ضرورة من هذه التحديات الداخلية التي تفرضها تحديات ثقافية ومجتمعية وإقتصادية ولربما خلافات عميقة في الأيدولوجيات السياسية التي جعلت نفسها أسيرة لأولويات غير الأولويات الوطنية الداخلية.

خلاصة القول إن الخطة الوطنية لمكافحة سرقة السيارات وإن أتت متأخرة فإنها خطوة في الإتجاه الصحيح ولكنها لن تنجح أمام إحتراف المجرمين الذين يقومون بهذه العمليات الإجرامية إن لم تأخذ بعين الإعتبار ضروريات المواجهة الصارمة والقوية والفاعلة ومنح الأجهرة الأمنية مساحة أكبر من الحرية بالتعاطي مع مثل هذه الجرائم وتوابعها بالغة الخطورة على المجتمع وعلى الإقتصاد الوطني والأمني والقومي لا بل أستطيع أن اصفها بأنها وجه من أوجه الخيانة التي تحتاج ردعاً جذرياً وقوياً وشاملاً.