أكدت مصادر صحفية وإعلامية أنّ حكومة جوستان ترودو الليبرالية في أوتاوا تخلّت عن مشروعها لتسوية أوضاع مئات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين، في ظلّ مناخ سياسي عام أقل حماسة من ذي قبل لمستويات عالية من المهاجرين.
وكان من المفترض أن يكون الإعلان عن تسوية واسعة النطاق من هذا النوع تاريخياً. حتى أنّ برنامج التسوية كان يُنظر إليه في أروقة البرلمان على أنه سيُعدّ في المستقبل من ضمن الإرث السياسي لجوستان ترودو الذي وصل إلى السلطة على رأس الحكومة الليبرالية في خريف عام 2015.
لكن هناك أشياء تغيرت ولم تعد تسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين ضمن خطط الحكومة الليبرالية. وقال مصدر فدرالي قريب من هذا الملف خلال تصريحات صحفية ’’لقد تغير السياق والمناخ السياسي‘‘.
وعمل العديد من وزراء الهجرة في السنوات الماضية على هذه الفكرة التي اقترحها أساساً رئيس الحكومة. وإذا كان العدد الدقيق للمهاجرين غير الشرعيين في كندا لا يزال مجهولاً، فمن المحتمل أنه بحدود النصف مليون، وربّما أكثر.
ويتضمّن هذا العدد طالبي اللجوء المرفوضين والطلاب الأجانب والعمال المؤقتين الذين بقوا في كندا بعد انتهاء صلاحية تصريحهم أو تأشيرتهم. ويُضطر هؤلاء الأشخاص الذين لا يتمتعون بوضع قانوني إلى العمل بشكل غير مُعلن، وفي ظروف خطيرة في بعض الأحيان.
وتطبيق الخطة يتيح ’’تسوية أوضاع أشخاص موجودين هنا منذ فترة طويلة‘‘ وفي الوقت نفسه امتصاص ’’أزمة نقص العمالة‘‘ في كندا، كما قال ترودو في مقابلة مع راديو كندا أواخر عام 2022.
واكدت مصادر صحفية ا أنّ حكومة ترودو باتت تفكّر الآن بعمليات تسوية ’’على نطاق صغير‘‘ لأوضاع المقيمين بصورة غير شرعية بدلاً من برنامج واسع النطاق.
ووفقاً لمعلومات إعلامية تفكر الحكومة الفدرالية حالياً في اتّباع نهج قطاعي، كما هي الحال مع مشروع قيد التنفيذ في منطقة تورونتو، في مجال البناء.
وكان وزير الهجرة واللاجئين والمواطَنة الفدرالي، مارك ميلّر، قد أعطى مؤشرات على هذا التغيير في الاتجاه الشهر الماضي.
لن يكون الاقتراح شاملاً وطموحاً بالقدر الذي يتمناه الكثيرون‘‘، قال ميلّر خلال جلسة للجنة الدائمة للمواطَنة والهجرة، مضيفاً أنّ مشروع التسوية الجديد سيُعرض ’’خلال الدورة (البرلمانية) في الربيع‘‘.
لكنّ هذا الأمر غير مضمون، إذ من الممكن تأجيل الإعلان إلى الخريف المقبل لكي يتسنّى توفير إجماع داخل مجلس الوزراء حيث يتمّ تداول آراء متباينة.
ففكرة إيجاد تسوية واسعة النطاق للمقيمين بصورة غير شرعية في كندا لم تعد تحظى بتأييد واسع داخل حكومة ترودو، حتى وإن كانت وزارة الهجرة واللاجئين والمواطَنة لا تزال تؤكّد رسمياً أنها تدرس ’’إمكانيات تنظيم وضع المهاجرين غير الشرعيين الذين يساهمون في المجتمعات المحلية الكندية‘‘.
وهذا التغيير في المسار ناجم أيضاً عن ردود أفعال على السياسات الأخيرة المتعلقة بالهجرة لحكومة ترودو.
فأهداف حكومة ترودو المتصلة بأعداد المهاجرين الدائمين إلى كندا وأعدادُ المهاجرين المؤقتين التي ارتفعت إلى مستويات تاريخية عرّضت الحكومة لانتقادات علنية من قبل عدة مقاطعات.
ودفع هذا الأمر حكومة ترودو إلى الإعلان عن وضع سقفٍ لعدد الطلاب الأجانب من أجل تقليل الضغط على الطلب على الإسكان