وعد بلفور... أو بداية النكبة الفلسطينية العربية

تمرّ اليوم 106 سنوات على ''وعد بلفور'' المشؤوم، الذي أطلقه وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور في الثاني من نوفمبر عام 1917، باسم الحكومة البريطانية، والذي تعهد بإقامة "وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين".

وجاء الإعلان على شكل رسالة موجّهة من قبل آرثر جيمس بلفور، إلى اللورد اليهودي روتشيلد، أحد مؤسسي الحركة الصهيونية العالمية، وذلك بعد مفاوضات يُقال إنّها استمرت ثلاث سنوات، دارت بين الحكومة البريطانية من جهة، واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية من جهة أخرى، واستطاع من خلالها الصهاينة إقناع بريطانيا بقدرتهم على تحقيق أهداف بريطانيا، والحفاظ على مصالحها في المنطقة.

هذا و تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر

وبتاريخ 6 يوليو 1921، أعلنت هيئة الأمم مشروع الانتداب البريطاني على فلسطين، وتمّت المصادقة عليه في 24 يوليو 1922، ووضع حيّز التنفيذ في 29 سبتمبر من العام نفسه. وحرص محررو صك الانتداب على الإشارة إلى أنّه جاء بناء على وعد بلفور.

كما اشتمل صكّ الانتداب على فلسطين على ديباجة و28 مادةً، وركّز الصكّ على تجهيز البلاد سياسيا واقتصاديا وإداريا بشكل يضمن إنشاء وطن قومي لليهود، ويضمن التزام بريطانيا بتسهيل الهجرة اليهودية والتشجيع على استيطان الأراضي، بالإضافة لتسهيل اكتسابهم الجنسية البريطانية، كما منحت اللغة العبرية مكانا معادلا للعربية كلغة رسمية.

ورغم أنّ الشعب الفلسطيني لم يستسلم للوعود والقرارات البريطانية والوقائع العملية التي بدأت تفرض على الأرض من قبل الحركة الصهيونية، حيث خاض ثورات متلاحقة، كان أبرزها ثورة البراق عام 1929، ثمّ تلتها ثورة 1936، فقد اتخذت الحركة الصهيونية العالمية وقادتها من هذا الوعد مستندا قانونيا لتدعم به مطالبها المتمثلة، في إقامة ما يسمى الدولة اليهودية في فلسطين، وتحقيق حلم اليهود بالحصول على تعهد من إحدى الدول الكبرى بإقامة وطن قومي لهم.

بعد أكثر من سبعين سنة على تحقيق هذا الوعد، ما يزال الكيان الصهيوني الذي أنشأته بريطانيا، ودعمت استمراره الكثير من الدول الغربية، يفتقد لأهم أركان الدولة ذلك أنّ إسرائيل نفسها مقتنعة بأنّها "دولة غير طبيعية" في وسط لا تمت إليه بأي صلة..

وتتزامن هذه الذكرى المشؤومة، مع مجازر صهيونية جديدة مرتكبة في حقّ الفلسطينيين، منذ 26 يوما، على التوالي، حيث يُواصل الاحتلال الغاصب منذ السابع من أكتوبر 2023، عدوانه على قطاع غزّة، متسبّبا في استشهاد أكثر من 8700، معظمهم نساء وأطفال.

ايضا بالتوازي مع القصف الصهيوني على غزة، تقوم قوات الاحتلال بعمليات برية، إلا أنها تبقى في حدود التوغلات البرية، حيث تتصدى لها المقاومة الفلسطينية.