في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني .. إقصاء السفيرة الفلسطينية من المشاركة لمصلحة من؟

من المعروف أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد دعت في عام 1977، للاحتفال في يوم 29 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (القرار 32/40 ب، حيث أنه في ذلك اليوم من عام 1947 إعتمدت الجمعية العامة قرار تقسيم فلسطين (القرار 181 .(II)

كما طلبت الجمعية العامة بموجب القرار 60/37 بتاريخ 1 كانون الأول/ديسمبر 2005، من لجنة وشعبة حقوق الفلسطينيين في إطار الاحتفال باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 تشرين الثاني/نوفمبر، تنظيم معرض سنوي عن حقوق الفلسطينيين بالتعاون مع بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة، وتشجع الدول الأعضاء على مواصلة تقديم أوسع دعم وتغطية إعلامية للاحتفال بيوم التضامن.

وفي العام 2015، تم رفع العلم الفلسطيني أمام مقرات ومكاتب الأمم المتحدة حول العالم، واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا برفع أعلام الدول المشاركة بصفة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، بما في ذلك علم دولة فلسطين، وقد اقيمت مراسم رفع العلم الفلسطيني في مقر الأمم المتحدة في نيويورك يوم 30 أيلول/سبتمبر 2015.

وتعد هذه المناسبة فرصة جيدة لتجديد حالة التضامن العالمية مع الشعب الفلسطيني وتسليط الضوء على معاناتهم الإنسانية وحقوقهم الشرعية التي يطالبون بها بالحرية والإستقلال من جهة ومن جهة أخرى لكي يراجع الفلسطينيون مكانتهم الدولية وعلاقاتهم الداخلية فيما بينهم وبين بعضهم البعض في ظل ما تعصف بهم الخلافات والإنقسامات.

لكن على غير العادة المتعارف عليها في السنوات التي سبقت جائحة كورونا كان الحفل في هذا العام يتيماً وضعيفاً ومحصوراً في مجموعة صغيرة لم يتجاوز عددها الستين شخصاً حسب ما أفاد به من حضروا هذه المناسبة بالرغم من أن الدعوة كانت مفتوحة أمام مائة شخص وهي سعة المكان! .

لكن الشئ الغريب في هذه المناسبة أن هناك من حاول أن يُسِخرها لخدمة أهدافه وحصرها بما يريد فقط ، وبالتالي لم يكن مستغرباً أن لا يتم دعوة ممثلة فلسطين الرسمية في كندا للمشاركة في هذا الحفل الذي تم  برعاية لجنة الصداقة البرلمانية الكندية والتي في الأساس يقوم عملها على التشاور بهذا الشأن مع الممثل لفلسطين كباقي لجان الصداقات البرلمانية مع الدول الأخرى والتي يهدف إنشاؤها تطوير العلاقة ما بين كندا وهذه الدول.

هذا الحفل أقيم بالمشاركة مع إئتلاف  الجمعيات الفلسطينية  والتي من المفترض أن يكون صلب عملها هو خدمة أبناء الجالية ومد الجسور ما بين هذه الجاليات والمستويات الرسمية الكندية لخدمة لمصلحة جميع ، والعمل على ترابطها وتفعيل مشاركتها في مثل هذه المناسبات وعدم إستخدام الدعم المتوفر لهم، لممارسة شكل من أنواع تعميق الكراهية وتكميم الأفواه والتنمر على بعض أبناء الجالية ، فقط لأن هناك خلافات في الرؤى كما حصل في هذا الإحتفال أو للتنافس مع الممثل لفلسطين وتقديم أنفسهم كبديل!.

السؤال هو لماذا تم إقصاء ممثلة فلسطين التي تفيد المعلومات المؤكدة بأنها لم تتلقى حتى دعوة للمشاركة في هذا الحفل التضامني مع الشعب الفلسطيني وهذا على غير العادة ومخالف للعرف في مثل هذه المناسبات؟! .... فهل يا تُرى كان الحفل تضامنياً أم إستعراضياً  أم إهانة مقصودة خدمة لأهداف خاصة ولتحقيق غايات وأهداف  أخرى؟!، خاصة أنه على ما يبدو أن عضو البرلمان المنظم كان بحاجة لضمان دعم هؤلاء في هذا الإئتلاف الوهمي الذي لا يمثل سوى الاعضاء البارزين من محبي الظهور، وهو إئتلاف مفكك وضعيف ومصادر الإرادة ويعمل ضمن أجندة  ومصالح خاصة بعيداً عن اسس عمل الجمعيات الفلسطينية الكندية،  لا بل يستغلها البعض ممن هم في هذا الائتلاف لتحقيق أهداف أخرى حسب أهوائهم وأوهامهم لتحقيقها خدمة لغايات شخصية!.

هذا الأمر يُذكرنا بكلام أحد الأشخاص من بين هذه المجموعات،  الذي خرج يوماً على قناة فضائية ليقول بأن تأثير مجموعته في المجتمع الكندي وصل إلى حد أنه بإمكانهم أن يجلبوا عضو برلمان أو أن يخلعوا أخر إن أرادوا! .... فهل كانت سعادة عضو البرلمان الموقرة المنظمة لهذا الحفل تعرف بذلك، وهل هي تقبل بأن يصل هذا الصلف الفكري من قِبل هؤلاء  إلى هذا الحد مما يسيئ للمكانة البرلمانية الكندية؟!.

 أو أنه بسبب الحاجة لجهود ودعم هؤلاء،  الموهوم ، ولاذي يبدو أنه كان من المفيد لمنظمي هذا الحفل كل حسب هدفه عدم وجود ممثلة فلسطين تلبية لخدمة تقاطع المصالح والإستحواذ على المشهد ، حسب ما تراه بعض الأطراف الفلسطينية التي شاركت في هذا الحفل،  حيث أنه على ما يبدو بأنهم على خلاف أو لربما وصل لحد التنافس مع هذه الممثلة الشرعية للسلطة الفلسطينية التي تقبل بالقرارات الدولية من جهة وتنبذ العنف والتطرف من جهة أخرى كما أنها تنادي بالسلام على الدوام.... فهل كان هذا الحفل تضامنياً مع الشعب الفلسطيني بالفعل أم بهدف إقصاء الشرعية الفلسطينية المعترف بها دولياً وتقزيم دورها وإهانتها وحصرها في إطار الشكوى لمجلس السفراء العرب ولبعض البرلمانيين الكنديين سواء كان ذلك عن قصد أو بدون ذلك ، وهل هذا يجوز؟!.

أخيراً ، هل نحن ككنديين نعتز بهويتنا وببلدنا العظيم كندا بتنا أمام نسيان دورنا الحقيقي البناء الذي يجعل الشعوب تغار منا وتتمنى أن تكون كندية مثلنا؟، وهل يحاول البعض إدخالنا نفق سياسة تكميم الأفواه التي تُعد سياسة قمعية مطبقة فقط في العالم الثالث ولا مكان لها في دولتنا العظيمة كندا التي أحبنناها وأحبتنا ،  دولة الحريات ودولة القانون، الدولة التي تُصان فيها الحقوق والحريات فيها مكفولة وفق الدستور؟!.

لقد علمتنا كندا أن نقبل بالآخر ونحترم كرامته ونسمع له ونحترم رأيه حتى لو إختلفنا معه ، ولم تكن يوماً تعلمنا الإقصاء وإبعاد الأصوات المعتدلة المحبة لهذه الدولة العظيمة، واسكاتها وإهانتها، أو إقصاء الممثلين الرسميين للشرعية والإعتدال وقبول الآخر والمؤمنين بالسلام.

إن فتح الباب لمثل هذه السلوكيات السلبية يدعونا للشك بهدف هذا الإبعاد والإقصاء، وتأثير هؤلاء على الرسميين من البرلمانيين وغيرهم وعدم شعورنا بالأمن والأمان ، في الوقت الذي ننبذ فيه الإقصاء والكراهية أي كان نوعها، ونقف بكل قوة أمام أي شخص تسول له نفسه بالتفكير بهذا الإتجاه، فمظلتنا واحدة هي علم كندا،  وقبلتنا واحدة هي كندا، فكيف نقبل بأن يتم إستخدام برلمانيين كندا لخدمة أجندات وأهداف شخصية لأشخاص يدعون بأن لهم تأثير كبير على جالياتهم ومن ثم داخل البرلمان وهم لا يمثلون إلا أنفسهم،  وبالتالي تصديق روايتهم، بدون فحص وتدقيق ،  بأنهم يستطيعون أن يجلبوا عضو برلمان أو أن يخلعوا آخر!..... هذه ليست كندا التي عرفناها ونعشقها وبالتأكيد لا نقبل لها ذلك لأن كرامتنا من كرامتها!.

إن إبعاد بعض الأشخاص عن المشاركة بهذا الحفل اي كانت صفتهم الشخصية والمهنية والرسمية في مثل هذه المناسبة، لا يتناسب بالمطلق مع تبني مدينة أوتاوا لإستراتجية نبذ الكراهية خاصة إن لم يكن هؤلاء الأشخاص يمثلون اي تهديد أمني أو عليهم أي مخالفات جنائية ، وبالتالي الأمر يحتاج لعلاج جذري حتى لا تسول لاي شخص كان نفسه بأنه يستطيع أن يفعل ما يريد ويقصي من يريد ويحتقر كرامة من يريد ويهين من يريد وقتما يريد حتى لو كان ذلك من خلال تضليل الرسميين بروايات خادعة وغير حقيقية تدفعهم لإتخاذ مواقف لا تليق بمكانتهم البرلمانية والرسمية!.