آخر الأخبار

الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك!

كثيرون منا لا يدركون أهمية  الوقت وبالتالي تصبح حالة اللامبالاة بالتعاطي مع أهمية  الإنجاز هي سمة هؤلاء وتصبح الفوضى الفكرية هي رائدة السلوك الهمجي الذي يسيرهم وحينها ينظرون إلى أنفسهم ويتساءلون عن ما الذي يفعلونه بأنفسهم ، فيجدون أنهم في حالة ضياع بين البحث عن السبب والغوص في نتائج إهمالهم وتسيبهم وسقوطهم الفكري الذي يأخذهم إلى سقوط مجتمعي وإنساني.
فكيف سيكون الإنسان دقيقاً في حياته إن لم يكن يدرك الحالة الزمنية التي يعيشها ومن ثم يحترم ويعمل على ضرورة إستثمارها.
لذلك أجد أن التقدم الإنساني يبدأ من إدراك الإنسان لأهمية عامل الوقت وضرورة يات إحترامه.
لهذا السبب نجد أن الدول المتقدمة أيضاً تأخذ في عين الإعتبار أهمية إستغلال الوقت، ولذلك أرى بأن البيروقراطية هي أهم عوامل التخلف لأنها ترتكز على قتل الوقت وطول الإنتظار وبالتالي ضياع الجهد وتشتيت الفكر وإهدار الطاقة للإنسان الذي يعد النواة الحقيقية لبناء الدولة والمجتمع. 
هذا وتجدُرُ الإشارة إلى أنّ هذه عبارة "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك" هي من العبارات الشائعة بين النّاس، ويُقصَد بها أنّ الإنسان إذا لم يستثمر وقتَه بالشكل الصحيح فإنّ الوقت الذي ذهب لن يَعُود وسيتحسّر عليه الإنسان، وهناك مقولة تنسب للثقافة الإسلامية تقول: "يا ابنَ آدم إنّما أنت أيام فإذا ذهب يومك ذهب بعضك"، وبالرّغم من قيمة الوقت وأهميته، إلّا أن الوقت لا يُستغَلّ بشكل فعّال بين كثير من النّاس، بل على العكس هناك إهدار كبير للوقت بين الكثيرين صغار وكبار ، أغنياء وفقراء ، مثقفين وجهلة، حكام ومحكومين، دون أدنى تقدير لقيمة الساعات والأيّام التي ذهبت.
 وعند الحديث عن أن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، يجدُرُ التنبيه إلى ضرورة إدارة الوقت وتنظيمه، حتى لا تَمُرّ السّاعات في التّفكير الذي لا جدوى منه، أمّا إهمال الوقت وعدم احترامه فله أسباب متعدّدة منها: الجهل بالقيمة الحقيقية للوقت، والرغبة بالإنتقام من الأشخاص بالبيروقراطية بهدف إهدار وقتهم وإشغالهم بالإنتظار وعدم تنظيم أفكارهم.
كما أن هناك اسباب أخرى منها عدم القدرة على ترتيب خطط يومية أو أسبوعية أو شهرية، فالتخطيط هو أهم الأدوات في عملية تنظيم الوقت.
لذلك أجد أنه من الخطأ الاستمرار في إهمال الوقت خاصة مع وجود كل الأدوات المعينة على الثقافة والعمل والإنتاج والإبداع، فالإنترنت اليوم يحتوي على كثير من الفيديوهات الثقافية الهادفة، والمقالات، والدروس التي تُعلّم الناس كيف ينظّمون وقتهم، ويَستغلّون أيامهم بأعمال تعود بالفائدة عليهم وعلى أسرهم ومجتمعاتهم.
كما أن هناك عدد من الخطوات المهمّة التي تُساعد الإنسان على تنظيم وقته منها: الاستيقاظ مبكرًا حيث أن ساعات الصباح فيها بركة وفيها طاقة إيجابية وفيها قدرة على تنظيم الفكر، فالإنسان عندما يصحو مبكرًا يتمكن من استغلال يومه بشكل أمثل، ولا يشعر بالضغط عند إنجاز أعماله، إضافة إلى تحديد الأولويات، واستخدام أدوات التذكير مثل المُنبّه للتذكير بإنجاز بعض المهام، أو المذكرات اليومية، والابتعاد عن التأجيل والتسويف واتباع مقولة" لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد".
نعم لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد لأنّ هذا التأجيل يُسبّب تراكم الأعمال والمهام على الإنسان ويُشكّل عبئاً ضغطًا كبيرًا عليه هذا عوضاً عن الجنوح للتسويف والملل.
 نعم إن عملية إحترام تنظيم الوقت تؤدي بلا شك إلى عدم الخلط بين المهام مثل إنجاز أكثر من مَهمّة في الوقت نفسه، مما يساعد الإنسان على التركيز على إنجاز المهام بالتدريج منعًا للخلط والتشويش.
هنا لا بُدّ من الإشارة إلى أنّه في كل ثقافة هناك مجموعة من العبارات والأمثال التي تحث على احترام الوقت وتدعو إلى إدراك أهميته، ومثال ذلك في الثقافة الفرنسية هناك مثل يقول: "الوقت هو ذَهب العاقل"، و "الوقت هو المال"، في إشارة إلى أنّ الوقت يَصنع المال، وقد حثّ الإسلام على أهمية استثمار الوقت في الأعمال النافعة ودعا إلى إشغال وقت الفراغ، لأنّ الفراغ يصنع الفساد في العقل والروح والجسم، فكم منا أصبح فاسداً فكرياً وسلوكياً لأن الوقت لم يعد له قيمة لديه.
كما منا أصبح ميتأً لأنه بات عاجزاً عن القدرة على استخدام الوقت بالطريقة المثلى واستغلال طاقته بما يتناسب مع الوقت الذي يملكه.
نعم إن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ، فكم من إنسان أصبح عبقري لأنه كان قادراً على تنظيم وقته واستغلاله بجدارة ، وكم من إنسان أصبح فاشل لأنه عجز عن تنظيم وقته.
إن إحترام قيمة الوقت يا سادة هو اللبنة الأولى لتحفيز الإنسان على الإبداع ومقاومة الصعوبات والتحديات ومواجهة كل مسببات الفشل لا بل هو الطريق لأن ينتشل ثقافة وهوية الإنسان من الظلمات إلى النور، فهل نستطيع أن نقدّر ونفهم ما نقول حتى يصبح لدينا الكثير من الوقت الذي يسعدنا ويفسح أمامنا القدرة التأثير المجال للتأثير في المجتمع الذي نعيش فيه، ويجعلنا نستمتع بالحياة بدلاً من أن نعيش مهمومين مقهورين ننتظر الموت بدلاً من أن نكون من صناع الحياة.