آخر الأخبار

الدولار الأمريكي في حالة إنتظار قرارات الفيدرالي والسيناريوهات متعددة

ستتابع أسواق العملات غدا الأربعاء باهتمام وحرص كبير صدور قرارات الفيدرالي الأمريكي بشأن السياسة النقدية، والتي سيعقبها المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك، جيروم باول، للتعليق على هذه القرارات، وهو ما سيكون له تأثير قوي بتداول الدولار الأمريكي أمام العملات وبعض السلع الأخرى مثل الذهب ، بالإضافة إلى سوق الأسهم الأمريكية وأسواق العملات الرقمية ، وفيما يلي نظرة على كيفية ملابسات هذا القرار، وكيف يؤثر على الأسواق:

أولا: الأوضاع الاقتصادية وتأثيرها على قرارات الفيدرالي الأمريكي

منذ اجتماع الفيدرالي الأمريكي خلال سبتمبر الماضي، ظهرت العديد من البيانات الاقصادية المهمة والتي كان لها تأثير قوي على تحركات الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية ومختلف الأسواق وتدعم استمرار قيام الفيدرالي الأمريكي بتسريع وتيرة رفع الفائدة هذا الشهر، وعلى رأسها بيانات التضخم.

وبالنظر إلى تلك البيانات، نجد أن مؤشر التضخم الأمريكي سجل نحو 8.2% خلال سبتمبر الماضي، بأعلى من توقعات الأسواق بأن يسجل المؤشر نحو 8.1%. ولكنه أقل القراءة السابقة والتي سجلت حوالي 8.3% خلال أغسطس الماضي.

وفي الوقت ذاته، شهدت بيانات سوق العمل الأمريكي تحسنا قويا، حيث ارتفع مؤشر التغير في التوظيف بالقطاع الزراعي بواقع 263 ألف وظيفة خلال سبتمبر، بأفضل من توقعات الأسواق التي أشارت إلى ارتفاع المؤشر بنحو 248 ألف وظيفة. وفي الوقت ذاته، استقرت معدلات البطالة الأمريكية عند مستوى 3.5% بأفضل من توقعات الأسواق والقراءة السابقة والتي سجلت نحو 3.7% بنهاية أغسطس الماضي.

وبالتالي، فإن إيجابية بيانات التضخم وسوق العمل وتجاوزها لتوقعات الأسواق، سيزيد الضغوط على الفيدرالي الأمريكي للاستمرار بتسريع وتيرة التشديد النقدي وتحديدا خلال اجتماع الغد في محاولة من قبل البنك للسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة.

ثانيا: تصريحات أعضاء الفيدرالي الأمريكي حول الفائدة:

مالت نبرة تصريحات الكثير من أعضاء الفيدرالي الأمريكي خلال الفترة الماضية نحو الاستمرار في تسريع وتيرة التشديد النقدي للسيطرة على التضخم المرتفع وبخاصة مع استمرار تحسن أوضاع سوق العمل وعدم تضرره بقوة من رفع الفائدة خلال الاجتماعات الماضية، ولكن هناك بعض الأعضاء الذين أكدوا على ضرورة التريث وعدم رفع الفائدة بوتيرة متسارعة للغاية حتى لا يحدث ركود اقتصادي قوي.

وفي هذا الإطار، صرح عضو الفيدرالي الأمريكي ، هاركر، بأن الفيدرالي الأمريكي سيواصل رفع أسعار الفائدة لفترة من الوقت، وأن الفيدرالي الأمريكي يحتاج إلى رؤية انخفاض مستمر في التضخم لتغيير توقعات السياسة النقدية. كما أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيحاول بنشاط إبطاء الاقتصاد للحد من التضخم الجديد، ولكن من المحتمل أن يكون سعر الفائدة على الفائدة أعلى بكثير من 4% بحلول نهاية العام.

بينما على الجانب الاَخر، صرحت عضو الفيدرالي الأمريكي ماري دالي، بأن الفيدرالي الأمريكي يريد تجنب الانكماش الاقتصادي الناتج عن المبالغة في التشديد النقدي، وأنه بدأ تضخم أسعار الإيجارات في التباطؤ، وأيضا، فإن الفيدرالي بحاجة إلى بذل كافة الجهود حتى لا يبالغ في تشديد السياسة النقدية، وأن الفيدرالي الأمريكي بحاجة إلى دراسة تداعيات السياسة النقدية التشديدية الاَن.

عضو الفيدرالي الأمريكي دالي تحذر من المبالغة في التشديد النقدي

ثالثا: توقعات البنوك الكبرى لقرارات الفيدرالي الأمريكي:

لا تزال تشير توقعات معظم البنوك الكبرى ترجح قيام الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة بنحو 75 نقطة أساس، لأن الفيدرالي سيحاول كبح التضخم من خلال الاستمرار في تشديد السياسة النقدية بوتيرة قوية للغاية، حيث صرح ديفيد سولومون الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار الأمريكي الشهير جولدمان ساكس بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يتجاوز يرفع الفائدة بشكل كبير ويتجاوز توقعاته لسعر الفائدة النهائي التي تتراوح ما بين 4.50% إلى 4.75%، ما لم تحدث تغييرات جذرية في سلوك المستهلك الأمريكي أو يشهد التضخم انخفاضا حقيقيا.

وكذلك، توقع بنك أوف أمريكا بأن يرفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس و 50 نقطة أساس في اجتماعيه المتبقيين هذا العام، ثم تليهم زيادتان بمقدار 25 نقطة أساس العام المقبل، حتى يستطيع البنك السيطرة على التضخم المرتفع.

وفي الوقت ذاته، توقع اقتصاديو بنك UOB بأن يتجه الفيدرالي الأمريكي إلى رفع سعر الفائدة في اجتماع نوفمبر بمقدار 75 نقطة أساس ليصل إلى 4.00%، كما توقع أيضا محللو بنك UOB أن الفيدرالي الأمريكي سيرفع أيضا الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس أخرى في ديسمبر.

رابعا: السيناريو المتوقع لقرارات الفيدرالي الأمريكي المرتقبة:

في ضوء ما تم ذكره أعلاه، فإن سيناريوهات قرارات الفيدرالي الأمريكي تتمثل في ثلاث سيناريوهات، السيناريو الأول، يتمثل في قيام البنك الاحتياطي برفع الفائدة بنسبة 0.75% هذا الاجتماع، ولكن بيان الفائدة، والمؤتمر الصحفي لمحافظ البنك، قد يتحدث عن المخاوف حيال تباطؤ الاقتصاد، وربما تلميح قوي نحو إبطاء وتيرة رفع الفائدة خلال الفترة المقبلة، وهذا السيناريو في حالة حدوثه، قد يكون له تأثير سلبي على الدولار بشكل واضح، وعلى النقيض، قد يشهد سوق العملات ارتفاعا لكل من الذهب والعملات الرقمية، وهو السيناريو المرجح حاليا.

بينما السيناريو الثاني، هو قيام الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة بنحو 0.75% لترتفع بذلك إلى مستوى 4.00%، ولكن قد يواصل الفيدرالي الأمريكي تأكيده على استمرار السياسة النقدية التشديدية وأنه سيرفع الفائدة بقوة للسيطرة على التضخم المرتفع، وهذا السيناريو قد يحدث وليس مستبعد في ضوء البيانات الاقتصادية الأخيرة، وهذا السيناريو سيقدم دعما قويا لمؤشر الدولار وقد يرتفع نحو مستويات 113 نقطة، وذلك سيكون له تأثير سلبي الذهب والعملات الرقمية.

وأخيرا، السيناريو الثالث والمستبعد في الوقت الراهن، هو قيام الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة بنحو 50 نقطة أساس فقط، والتحدث عن التباطؤ الاقتصادي وتضرر الاقتصاد من رفع الفائدة خلال الفترة الماضية وبخاصة وأن الاقتصاد يتجه لركود معتدل وفقا لتوقعات البنوك الكبرى، وهذا السيناريو، قد يكون له تأثير سلبي قوي للغاية على تحركات الدولار بأسواق العملات، وعلى العكس، سيرتفع كل من الذهب والعملات الرقمية بشكل كبير للغاية في حالة تحقق هذا السيناريو.