آخر الأخبار

الحزب الليبرالي لكيبيك وملف الهجرة في أفق انتخابات2022

الكاتب : رشيد حمري

حاصل على دبلوم الدراسات العليا في قانون الهجرة من جامعة مونتريال وماستر علم السياسة بالمغرب

يعتبر الحزب الليبرالي لكيبيك من أقدم الأحزابالسياسية في كندا، وأول حزب يرى النور في كيبيك حيثتم تأسيسه قبل ١٥٠ سنة، وكان فاعلا في المشهدالسياسي منذ قيام الفيدرالية الكندية سنة 1867. وقدكان الحزب الليبرالي الكيبكي ولا يزال من أشد المدافعينعن التوجه الفيدرالي للدولة، ويعارض انفصال كيبك عنكندا، وهو التوجه الذي كرسه من خلال رفض انفصالكيبك في استفتاءي 1980 و1995. لهذا، يعدالفرنكفونيون الليبراليون، الأقلية الأنكلوفونية في كيبيك إضافة إلى المهاجرين الخزان الانتخابي للحزب في الاستحقاقات الانتخابية الكيبكية.

الهجرة في البرنامج الانتخابي للحزب الليبرالي في أفق انتخابات أكتوبر 2022

خصص الحزب الليبرالي لكيبيك حيزا مهما لملف الهجرة في برنامجه الانتخابي استعدادا لخوضانتخابات 3 أكتوبر 2022. ليعزز بذلك توجهه السياسي الدائم المساند للمهاجرين والداعم لسياسة الهجرة فيظل سياق سياسي وايديولوجي متوتر يغذيه خطابوسياسات الأحزاب اليمينية المتوجسة من تداعيات الهجرةعلى النمط الثقافي المحلي. 

فبالرغم من هذا السياق، لم يحد الحزب الليبرالي عن دعمه للهجرة في برنامجه الانتخابي من خلال:

✓ التأكيد على دور الهجرة في حلحلة أزمة خصاصاليد العاملة بالمقاطعة، حيث يقدر الخصاصالحالي ب 240000 منصب شغل، وقد يبلغ 1,4 مليون منصب شغل شاغر في أفق 2030 وفقإحصائيات وزارة الشغل الكيبكية.

✓ الدعوة إلى تبني تصور واقعي جديد عن الهجرةباعتبارها ضرورة ملحة تروم النجاعة وتتناغموحاجيات المقاطعة، بدل النظر إليها كعامل لخلقالثروة فحسب. 

✓ الرفع من نسب الهجرة التي ستساهم بشكل فعالفي سد الخصاص المهول في بعض الجهات والقطاعات المتضررة بشكل كبير.

✓ تسريع وثيرة الاعتراف بشهادات العمال الأجانب القادمين  من خارج كندا.

✓ إبرام اتفاقيات مع الجهات في كيبك قصد أخذ حاجياتها من المهاجرين بالحسبان، لا سيما في الميدان الاقتصادي.

✓ تذليل الآجال الطويلة التي تعرفها مسطرةالحصول على الإقامة الدائمة للمهاجرين الذين تم إنتقائهم من طرف كيبيك، حيث تتجاوز حاليا 30 شهرا.

✓ تشجيع سياسة جهوية الهجرة، إذ يستقر أقل من30% من المهاجرين خارج منطقة مونتريال الكبرى.

✓ التزام الحزب بتسريع دراسة ملفات الطلبةالأجانب، وكذلك مراجعة شروط برنامج التجربةالكيبكية الخاص بهم لتيسير الولوج إلى الإقامةالدائمة. 

✓ توفير كل الشروط اللازمة لتيسير استقرار واندماج المهاجرين الجدد في كل الجهات. 

✓ تخفيف الشروط اللغوية المتعلقة باختبار اللغةالفرنسية كلما تعلق الأمر بطلبات الاستقرار خارج منطقة مونتريال. 

إدماج الحزب للمناضلين المنخرطين في الحزب  والمدافعين عن قيمه من المهاجرين،  في الحياة السياسية

ظل الحزب الليبرالي لكيبك منسجما مع قيمه المنفتحة على المهاجرين من خلال إدماجهم في معترك السياسية بكيبيك، وذلك عن طريق الاستقطاب والتشغيل في مختلف أجهزة الحزب. بل دأب هذا الأخير على تقديم مرشحين له في الانتخابات من أبناء الهجرة، وارتأينا أن نتطرق لتجربة منصف الدراجي لكونه يشكل مثالا حيا لإدماج الحزب للمهاجرين في الحياة السياسية، لا سيما من أبناء الجالية المغاربية والعربية.

مما لا شك فيه، أن مسار منصف الدراجي يعد مثالاً يُحتذى به لكل مهاجر وافد على كيبك والديار الكندية بصفة عامة.

 هذا وقد انطلقت بدايات الدكتور منصف في كندا من مدرجات الجامعة، لينخرط سريعا في العمل الاجتماعي والسياسي، قبل أن يحظى باهتمام قادة الحزب الليبرالي الذين وجهوا له الدعوة للانضمام إلى الحزب. 

تمكن منصف من حجز مقعد له في الجمعية العمومية(البرلمان) منذ أول مشاركة له في الانتخابات الإقليمية،كمستشار عن جهة "نيلكان" في سنة 2018. بل وتمتعيينه ناطقا رسميا باسم الحزب في الجمعية العموميةمكلفا بقطاع الصحة والخدمات الاجتماعية. كما شغل كذلك منصب مساعد رئيس المعارضة الرسمية لحكومة"لوغو". 

إضافة إلى ترؤسه العديد من اللجان البرلمانية من ضمنها لجنة الجمعية الوطنية المكلفة بالعلاقات مع المغرب.

نال المستشار الشاب المركز الثالث كأفضل برلماني للسنة في 2019 و2020، وساهم بشكل كبير في تقديم العديد من مشاريع القوانين الموجهة للفئات الاجتماعيةالهشة خصوصا في الميدان الصحي (إدماج مرضبارنكسون ضمن قائمة الأمراض المهنية، زيادة الدعم المقدم للمقاولين والمزارعين في الجانب المتعلق بالصحةالعقلية...).

بيد أن أهم إنجاز للمستشار منصف يكمن في دفاعهالمستميت عن ضحايا الإصلاح الرامي إلى تعديل برنامج التجربة الكيبكية الذي قدمه وزير الهجرة آنذاك "باريت" في سنة 2020، والذي كان مآله الفشل بسبب الدفاع الشرس للدراجي ومن ورائه حزبه عن حقوق هؤلاء المهاجرين.

يستحيل بما كان أن يحيط هذا المقال بجميع اسهامات المستشار منصف الدراجي في المشهد السياسي بكيبيك، غير أن نجاح الرجل في مهمته وحرصه على الدفاع عن حقوق المهاجرين، جعلت فئة عريضة من هؤلاء تدرك أهميةالانخراط في العمل السياسي كوسيلة لخلق قوة ضاغطةوالحفاظ على المكاسب, وتتيقن أن السياسة يمكن أن تصنع من مهاجر مستشارا برلمانيا دائدا عن حقوق كل المهاجرين.

أعتقد أن الظرفية السياسية الراهنة في كيبك تستوجب تظافر جهود المهاجرين والأقليات من أجل الدفاع عن قيم التسامح والتنوع الثقافي التي طالما ميزت المجتمع الكندي، لذا بات لزاما على الجميع الانخراط في الحياة السياسية وتشكيل جبهة موحدة لحماية المكتسبات وصيانة حقوق المهاجرين عبر الآليات الديمقراطية.

.