آخر الأخبار

هل هي نهاية أم بداية حكاية من أجل صناعة الأمل من جديد ؟!

لم يكن الإنسان منا على موعد مع كل هذه التحديات التي تواجهه يومياً، خاصة في ظل حالة التوتر العارمة الموجودة في كل مكان والتي مست حياة البشر ومشاعرهم الإنسانية، أستطيع القول بأن أجيالنا لم تكن تتوقع أن تعيش لحظات شديدة القسوة كما نعيشها في هذه الأيام، خاصة وأننا على أبواب شهر رمضان المبارك والذي غالباً ما يتطلع إليه المسلمين بشكل خاص وتشاركهم البشرية جمعاء بخصوصية هذا الشهر على أنه شهر الرحمة والغفران ، شهر فيه روحانيات إنسانية وإيمانية كبيرة، شهر فيه تصالح مع الخالق عز وجل، ولكن لا أدري إن كان هذا الشهر سيمر علينا كما كنا نأمل، خاصة  بعد عامين من حالة عدم الإتزان النفسي لكثير من الناس نتيجة الرعب الذي تسبب به الوباء،  وجعل كل واحد منا يحمل معه قصة وحكاية،  لها تفسيرات متعددة ولربما فيها آية بالتأكيد لا نعلمها، ولكن ملامحها تقول بأن هناك دروس تحمل معها متغيرات غائبة ولابد من أخذها بعين الإعتبار!.
نحن اليوم نعيش حكاية قاسية ، حكاية تهديد بنهاية العالم ، حكاية موت ودمار ، حكاية تراجع وتشاؤم ، حكاية تثير رغبات أغلب الناس الذين يميلون لمشاهدة القصص العنيفة ذات النهايات الحزينة أكثر من النهايات السعيدة.
ذلك لأن أغلب الناس باتوا يعانون من الألم والوجع وفقدان الأمل من العودة للمنطق وتطبيق روح العدالة الإنسانية في كل مكان وليس بطريقة إنتقائية كما نشاهد في كثير من الأحيان، لذلك باتت تلك القصص قريبة من حياتهم، وبالتالي أصبح هناك الإستسلام أمام فكرة غياب الأمل، والإيمان بغياب العدالة الإنسانية بات هو المسيطر وهو سمة الواقع.
هذا وقد كشفت دراسة علمية مؤخراً بأن النهايات الحزينة تذكرنا على الدوام بأن الحياة صعبة ومعقدة وأننا محظوظين لما لدينا من هامش من الفرح  والسعادة حتى لو كان هامشاً محدوداً للغاية ولكنه بالتأكيد محصور بنعم كثيرة  ملموسة وغير ملموسة.
لا بل أصبحنا نشعر بأننا نحن أبطال مثل الشخصيات الدرامية الخيالية التي نعتقد ونحن نشاهدها بأنها تحملت الكثير، وما هو فوق طاقتها، وهي ما زالت تحتفظ بقوتها!.
لذلك يقف الإنسان منا اليوم حائراً أمام قصص الصراع وغياب العدالة وشيطنة الحق أمام الباطل، يقف عاجزاً وهو يرى مشاهد الدمار والموت التي لا تنتهي، لا بل تتنقل من مكان لمكان بدون اي مقدمات وبدون فترة إنتظار.
يقف الإنسان في أيامنا هذه حائراً وعاجزاً وهو يرى نفاقاً لا يصدقه العقل وغلاءً يفترس تعبه وجهوده بدون رحمة ولا شفقة، ويلاحقه في لقمة عيشه ويهدد استقراره ومستقبل أبنائه.
يقف الإنسان عاجزاً وهو ينتظر المجهول المجنون الذي قد يغتال فكره وطموحاته وتطلعاته، وكل آماله وأحلامه من شياطين الإنس أو من عصابات التشهير وراغبي السيطرة على الآخر بدون أن يعرف سبباً لذلك.
يقف اليوم الإنسان عاجزاً ولربما غير آبهاً بما ستؤول إليه حقيقة هذا الحال بعد أن رأينا التشرد بات مشروعاً أمام أصحاب الضمائر الميتة  الذين لا يهمهم إغتيال الإنسانية،  ولا يهمهم قتل الطفولة، لا بل لا يهمهم قتل البشر وتدمير الحجر.
يقف الإنسان اليوم ، عاجزاً وهو يتأمل حقيقة حكاية ظلامية في زمن ظنناه بأنه سيكون مشرقاً ومليئاً بالنور، هو زمن العلم والعلماء والنهضة والإقتصاد والثورة التكنولوجية، ولكن للأسف نجد أنها كانت أو أصبحت حكاية تهدف لتدمير كل ما تم بنائه عبر أجيال عديدة.
يقف الإنسان اليوم عاجزاً وهو ينتظر نهايات صعبة ومعقدة في ظل فوضي وصراع مبهم الهدف والنتيجة، لا بل ، خشية من إستمرار مسلسل سنين عجاف لا تترك حالاً على ما هو ولا تترك إنساناً كما هو ، لا بل ستفتت كل ما هو موحد أو متماسك، ولربما تقتل مشاعراً إنسانية كانت على الدوام حية، فيصبح عدد المشردين أكثر وعدد الجوعى أكثر وأكثر وعدد المجرمين يزداد بشكل مخيف ولا أحد يعرف إلى ذاهبة بنا هذه الحياة!.
لذلك يقف الإنسان عاجزاً وهو يرى بأن حكاية الظلام تنتصر على حكاية الحق والأمل، بعد أن تم غزو وعينا بأن الظلام محصور   في مجموعات محددة وليس مشرعاً أمام مجموعات من المفترض أنهاحارسة قيمنا الإنسانية.
يقف اليوم الإنسان عاجزاً وهو يرى صغاراً  يتمردون على الكبار ولا يأبهون عقابهم أو مكانتهم وقوتهم ويصبح الحال هو غير الحال الذي كان في الذاكرة والخيال.
يقف  الإنسان  اليوم  عاجزاً  وهو  يرى عجزاً  أكثر  من الخيال الذي كان يعتقد يوماً بأنه شئ من المحال.
فهل هناك أكثر من ذلك عجزاً ؟!، وهل هي نهاية الأمل أم بداية حكاية نصنع منها الحياة التي تستحقها الأجيال القادمة وننتصر لقيمنا الإنسانية وننتفض من أجل تحقيق العدالة في كل مكان ما أمكن ذلك وليس بحالة إنتقائية تتنافض مع القيم الجوهرية؟!.
وهنا لا أنكر بأنني أميل لحكاية تعيد فينا الأمل فنصبح قادرين على الاستثمار في قدراتنا لتصويب المسار فكرياً وسلوكياً ليصبح المسار الإنساني المبني على التعايش المشترك في إطار  عدالة جامعة وشاملة وليس إنتقائية مقدس وهو الحكم الوحيد الذي تحتكم له البشرية جمعاء.
كل عام أنتم بألف خير ...