آخر الأخبار

حالة الطوارئ هي من أجل كندا قوية وأمن مواطنيها وليس غير ذلك!

كلنا يشهد الحالة الإستثنائية التي تمر بها العاصمة الكندية أوتاوا وخاصة فيما يتعلق بشل المظاهر الحيوية بالكامل بقلب وسط المدينة نتيجة الإحتجاجات المستمرة، وكلنا يشهد ايضاً الحكمة الكبيرة التي صدرت عن المؤسسات الرسمية للتعاطي مع تحديات هذه الحالة حتى اللحظة.

لا بل كلنا يشهد بأننا تفوقنا على دول كثيرة بديمقراطيتنا وبسعة صدرنا التي سجلت مفخرة للجميع، بالرغم من بعض السلوكيات المرفوضة مجتمعياً وسلوكياً التي صدرت عن البعض الذين يستهوون الهوجائية نهجاً في حياتهم.

نعم لقد سجلت كندا نهجاً ديمقراطياً راقياً ، من خلال تسجيل أروع صور  اللحمة الوطنية الرافضة لمثل هذه الأساليب التي خرجت من أفراد معزولين، وذلك عن سياق حرية الرأي والتعبير، ودخلت في سياق التحدي والإمعان بالخروج عن القانون.

مع ذلك شاهد جميعنا الحراكات الهادئة والقانونية والحوارات العاقلة، وذلك بالتعاطي مع هذه الأزمة الخطيرة، والتي باتت تستهدف الأمن القومي الكندي سواء بقصد أو غير قصد، مما إستدعى إعلان حالة الطوارئ لمدة 30 يوماً قابلة للتجديد أو إلغائها مبكراً حسب التطورات على الأرض وما تقتضيه الضرورة، لأن ما يحصل لم يعد يُطاق رسمياً ومجتمعياً، واصبح يمس حالة إستقرار وأعمال وأرزاق المواطنين بشكل مباشر،  وبالتالي كان يحتاج لقرارات قانونية صارمة وغير مسبوقة ، لتحجيم هذه الحالة الإستثنائية، خشية من خروجها من حالتها السلمية إلى حالة عنيفة لا أحد يتمناها أو يقبل بها،  لأنها قد تؤدي لسقوط ضحايا ولعمليات تخريب ، والخاسر الوحيد في هذه الحالة ، سيكون هو بلدنا العظيم كندا بكل ما فيها.

أيضاً من الواضح أن الأمر لم يعد يتعلق بقضية تفويض التطعيمات فقط ، بل أخشى أن يكون قد ذهب بعيداً لأكثر من ذلك من خلال الإصرار على الإستمرار في هذه الإحتجاجات التي بدأت مشروعة وباتت غير قانونية ، وهذا الأمر بحد ذاته بات يخلق تساؤلات حول أسباب هذا التشنج والتصلب وعدم إبداء المرونة الكافية لإنهاء هذه الإحتجاجات، أهمها إلى أين  ستذهب هذه الحراكات ولمصحلة من إستمرارها بهذا الشكل الذي يمس الكثير من جووانب الحياة والحالة الإقتصادية للبلد، خاصة في هذا الوقت بالتحديد الذي نعرف جميعاً أن هناك تحديات إقتصادية ضخمة،  والخسائر الكبيرة الناجمة عن هذه الإحتجاجات لا تمس الأفراد فقط بل أنها تنعكس سلباً على  الأمن القومي للبلد، هذا عوضاً عن التحديات الأمنية الإقليمية والدولية التي تحتاج إلى حالة إستقرار وتركيز وعمل مؤسساتي كامل الجهود والطاقات،  خاصة أننا لا زلنا لم نخرج بعد من تحديات جائحة كورونا ، وذلك من أجل حماية بلدنا التي نحبها وتسكن قلوبنا جميعاً ، ولا يمكن أن نتخيل أن هناك منا من  لا يحرص على أمنها القومي من أي إستهداف أي كان نوعه أو حجمه أو تأثيره.

لذلك ما أراه اليوم هو حالة تخبط معقدة للغاية ولا تحتاج هذا النوع من التشنج وهذا للأسف ما لم يتم حتى اللحظة،  أو حتى التسرع بأي قرار ،  ولكنها حتماً كانت تحتاج إلى خطوات مدروسة وفاعلة ولكنها محكومة ومحدودة وحذرة للغاية،  حتى يتم تحقيق إحتواء هذه الحركة الإحتجاجية المجنونة وغير المسبوقة بالعقل والمنطق،   وذلك من أجل إغلاق الطريق على كل من تسول له نفسه بإستغلال هذه الإحتجاجات، والعبث بأمن البلد في الظلام.

إن كندا اليوم تحتاج لكل طاقات أبنائها وتكاتفهم والعمل الجاد على تجاوز الصغائر ، والإلتفات فقط لكيفية الإرتقاء بها وبنائها ، لجعلها دولة حديثة متجددة على الدوام ، وبالتالي لابد من الحذر الشديد من الإنزلاق في منحدرات خطرة،  خاصة من بعض الأفراد الذين يشاركون في إحتجاجات مثل هذه،  وهم لا يعرفون واجباتهم أولاً أو يرفعون أعلام وطنهم الأم بدون مناسبة وبدون حاجة لذلك،  وفقط للتشويش،  وإقحام هويات في مشكلة لا داعي لها بالمطلق ، وهي لا علاقة لها بمثل هذه السلوكيات الجاهلة لا بل الشاذة.

إن كندا اليوم أمام تحدٍ كبير،  وهي بلا شك بحاجة لكل ابنائها المخلصين ممن يقدرون اهمية التكاتف والوقوف يداً واحدة بكل قوة  من أجل مساندة كل الخطوات القانونية التي تتخذها مؤسسات دولة القانون وأجهزتها التي تعمل ليل نهار من أجل حماية البلد ومواطنيه من كل التحديات التي تحيق به.

لذلك اتمنى أن يكون هناك إندماجاً فكرياً وعميقاً ، حقيقياً ومنطقياً، لجعل عنوان هذه المرحلة هو التكاتف والتعاضد،  والعمل من أجل أن تبقى كندا عظيمة ومعافية وبأحسن أحوالها على الدوام ، لتبقى مقصد الملايين من الناس الذين يأتون حباً وعشقاً لها ، لما يسمعون عن كندا  وأهلها وحسن تعاملها وما تتمتع به من أمن وأمان وسلام.

 لذلك يجب أن يدرك الجميع بأن هناك حاجة لكي يعمل جميع أبنائها تحت علمها الموحد من أجل رفعتها ورخائها وإزدهارها حتى تبقى لهم شامخة وهم رافعي الرأس بأنهم من مواطنيها.

كما أنني أتمنى أن تكون حالة الطوارئ المعلنة هذه هي حالة إستثنائية مؤقتة وقصيرة المدى للبنة اساسية تهدف للحفاظ على أن تبقى كندا قوية وتضمن أمن مواطنيها وتعمل من أحل إعادة اللحمة الوطنية وفتح حوار جاد وموسع بين الجميع وإنهاء كل مظاهر ما هو مرفوض أو يؤثر على إستقرار البلد إقتصادياً ومجتمعياً،  حتى يتم تجاوز مثل هذه التحديات غير المسبوقة، مستقبلاً،  وتضمن بأن يشارك الجميع بالعمل بمسؤولية تحت سقف القانون وتحت مظلة البلد وبالإيمان المطلق بأهمية الحفاظ على الهوية الوطنية لكندا بلداً وشعباً ومؤسسات رسمية.