(احتمالات)
كانَ يمكنُ أن نستمرَّ ،
كنهرَيْنِ ينتسبانِ إلى الماءِ ،
رغمَ المسافاتِ
يجترحانَ مصبّاً بعيداً ، وبحراً ..
ويختلطانِ بعمقِ الدّماءْ
كانَ يمكنُ أن نلتقي من جديدٍ
على ضفّةِ الكونِ ،
ننسجُ أرجوحةً من لهاثِ المواجعِ
في صوتِ نايٍ قديمٍ ،
يقضُّ هدوءَ المساءْ
كانَ يمكنُ أن نتركَ البابَ في أمسِنا
غامضاً ..
علَّ شاردةً تجدُ السَّمْتَ يوماً ،
وتدخلُ ..
تنسابُ في الظلِّ ،
كي ترتوي موجةُ الاشتهاءْ
كانَ يمكنُ ألّا نكونَ غريبَيْنِ
لو صدقَتْ صدفةٌ ما ،
ولو سمحَ الدّهرُ للقلبِ
بالاصطفاءْ
كانَ يمكنُنا أن نظلَّ صديقينِ
قبلَ البدايةِ ،
كي ننقذَ القلبَ من رحلةِ الانطفاءْ
أو نعودَ صديقينِ
بعدَ النّهايةِ ،
كي لا تموتَ احتراقاً
وعودُ الوفاءْ
كانَ يمكنُ أن نتخفّى كأحجيةٍ
خلفَ ظلِّ المجازِ ،
ونسرقَ دفئاً بليغاً لأرواحنا
في ليالي الشّتاءْ
كانَ يمكنُ أن نستظلَّ
بغيمةِ صيفٍ عقيمٍ ،
ونتبعُها في التّلاشي رويداً ،
إلى آخرِ الارتواءْ
كانَ يمكنُنا
أن نواصلَ قطفَ المحالِ ،
منَ الشّجرِ السّرمديِّ على حافّةِ الليلِ ،
ثمّ نؤوبُ إلى ذاتِنا ،
مُتْخَمَيْنِ منَ الانتشاءْ
كانَ يمكنُ أن ندّعي
أنّنا لا نزالُ بخيرٍ ،
برغمِ الخدوشِ التي ثقبتْ حائطَ الرّوحِ ،
في أمسياتِ الخَواءْ
كانَ يمكنُ أن نُقنعَ العشبَ
أنَّ غمامَ المدى
كانَ ينثرُ تحتَ خطانا الرّشيقةِ
غَيثاً ،
وليسَ نزيفاً ، وليسَ بكاءْ ..
كانَ يمكنُ ألّا نموتَ فُرادى ،
كفزّاعتَيْنِ ،
تصدّانِ سربَ العصافيرِ
عن حنطةِ القلبِ ،
ثمَّ تعودانِ للحزنِ
إذْ تحصدانِ غلالَ الهواءْ
كانَ يمكنُ ..
ما أكثرَ الاحتمالاتِ !
كيفَ دهى الحلمَ أصعبُها ،
فأفَقْنا غريبَيْنِ في غدِنا ،
بعدَ أن طاولَ الكَفُّ يوماً
بروجَ السّماءْ ..