آخر الأخبار

احتمالات للشاعر عبد السلام زهران

   (احتمالات)

كانَ يمكنُ أن نستمرَّ ،

كنهرَيْنِ ينتسبانِ إلى الماءِ ،

رغمَ المسافاتِ 

يجترحانَ مصبّاً بعيداً ، وبحراً ..

ويختلطانِ بعمقِ الدّماءْ 

كانَ يمكنُ أن نلتقي من جديدٍ 

على ضفّةِ الكونِ ،

ننسجُ أرجوحةً من لهاثِ المواجعِ 

في صوتِ نايٍ قديمٍ ،

يقضُّ هدوءَ المساءْ 

كانَ يمكنُ أن نتركَ البابَ في أمسِنا 

غامضاً ..

علَّ شاردةً تجدُ السَّمْتَ يوماً ،

وتدخلُ ..

تنسابُ في الظلِّ ،

كي ترتوي موجةُ الاشتهاءْ 

كانَ يمكنُ ألّا نكونَ غريبَيْنِ 

لو صدقَتْ صدفةٌ ما ،

ولو سمحَ الدّهرُ للقلبِ 

بالاصطفاءْ 

كانَ يمكنُنا أن نظلَّ صديقينِ 

قبلَ البدايةِ ،

كي ننقذَ القلبَ من رحلةِ الانطفاءْ

أو نعودَ صديقينِ 

بعدَ النّهايةِ ،

كي لا تموتَ احتراقاً 

وعودُ الوفاءْ 

كانَ يمكنُ أن نتخفّى كأحجيةٍ 

خلفَ ظلِّ المجازِ ،

ونسرقَ دفئاً بليغاً لأرواحنا 

في ليالي الشّتاءْ 

كانَ يمكنُ أن نستظلَّ 

بغيمةِ صيفٍ عقيمٍ ،

ونتبعُها في التّلاشي رويداً ،

إلى آخرِ الارتواءْ 

كانَ يمكنُنا 

أن نواصلَ قطفَ المحالِ ،

منَ الشّجرِ السّرمديِّ على حافّةِ الليلِ ،

ثمّ نؤوبُ إلى ذاتِنا ،

مُتْخَمَيْنِ منَ الانتشاءْ 

كانَ يمكنُ أن ندّعي 

أنّنا لا نزالُ بخيرٍ ،

برغمِ الخدوشِ التي ثقبتْ حائطَ الرّوحِ ،

في أمسياتِ الخَواءْ 

كانَ يمكنُ أن نُقنعَ العشبَ 

أنَّ غمامَ المدى 

كانَ ينثرُ تحتَ خطانا الرّشيقةِ 

غَيثاً ،

وليسَ نزيفاً ، وليسَ بكاءْ .. 

كانَ يمكنُ ألّا نموتَ فُرادى ،

كفزّاعتَيْنِ ،

تصدّانِ سربَ العصافيرِ 

عن حنطةِ القلبِ ،

ثمَّ تعودانِ للحزنِ 

إذْ تحصدانِ غلالَ الهواءْ 

كانَ يمكنُ ..

ما أكثرَ الاحتمالاتِ !

كيفَ دهى الحلمَ أصعبُها ،

فأفَقْنا غريبَيْنِ في غدِنا ،

بعدَ أن طاولَ الكَفُّ يوماً 

بروجَ السّماءْ ..