آخر الأخبار

ملك سليمان عليه السلام

بقلم / نادرة البرقي
 أين اختفى أعظم مُلك في التاريخ ؟ ذكر القرآن الكريم والتوراة أن لنبي الله سليمان عليه السلام وضعا خاصا بين انبياء الله وبين ملوك التاريخ كان أبوه داود عليه السلام جنديا في جيش الملك طالوت وهو في سن صغيرا وحاز على الملك بجدارة، بعد أن قتل جالوت الملك الذي لم يهزم من قبل. حيث كافئ داوود بأن أعطاها شاطر ملكه وزوجته ابنته ثم جعله الله نبيا، وهكذا اتاه الله الملك والحكمة وعلمه ما يشاء، ثم ورث سليمان عليه السلام داوود عليه السلام ورثه في الملك، فكان ملكا نبيا حكيما إمتد ملكه ليشتمل على أرض فلسطين وسوريا ولبنان والأردن والعراق إلى ضفة الفرات. خّير الله نبينا محمداً بين ان يكون "نبيا ملكا" او "عبدا رسولا" فاختار الثاني "وجاء في بعض الروايات انه استشار جبريل فاشار اليه ان تواضع فاختار أن يكون عبدا رسولا". ولو اختار ﷺ أن يكون ملكا نبيا لأصبح كنبي الله سليمان الذي قال {رب اغفر لي وهب لي ملكا لاينبغي لأحد من بعدي}. فسخر له الله كل شيء حتى الطير والجن {والشياطين كل بنّاء وغواص} .. كما وهبه بساط الريح {غدوها شهر ورواحها شهر} وأسال له عين القطر تنبع بالنحاس المذاب يصنع منه ما يريد !! ومُلك سليمان لم يتضمن فقط تسخير ما حوله بل وأيضا أموالا وكنوزا تفوق الخيال {هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب} فهناك مثلا قصور من ذهب وزمرد، وجواهر وياقوت جمعتها الشياطين، وعمال مهرة من الجن {يعملون له مايشاء من محاريب وتماثيل وجفان}. وحين ألقى الهدهد خطابه على ملكة سبأ ردت عليه بهدية اشتملت على صناديق مليئة بالذهب والمجوهرات، غير ان هذه الهدية على ضخامتها عُدت تافهة مقارنة بملك سليمان فقال { أتمدونن بمال فما أتاني الله خير مما اتاكم بل انتم بهديتكم تفرحون} وحين قررت الحضور إليه أمر ببناء قصر ضخم تكون أرضه من زجاج ومن تحته ماء يتموج. وما ان دخلته بلقيس حتى رفعت ثوبها تظنه بركة {فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال انه صرح ممرد من قوارير}. وتتفق التوراة والانجيل وما جاء في أساطير بني اسرائيل على ضخامة مُلك سليمان وكنوزه الأسطورية، غير ان هناك معضلة ماتزال بدون حل : فمُلك بهذا الاتساع، وكنوز بهذا الحجم والضخامة لابد ان تترك أثرا ولو صغيرا وهو مالم يكتشف حتى الآن ! ففي حين تم الكشف عن حضارات البابليين والآشوريين والفراعنة والصينيين القدماء لم يكشف شيء عن مملكة سليمان وكنوزه الاسطورية، وأقدم فرضية بهذا الخصوص ظهر بها الانجليزي هنري هاجارد عام ١٨٨٦ وتقول ان كنوز الملك سليمان نقلت الى افريقيا بعد موته. واعتمادا على هذه الفرضية أنتجت هوليود فيلما بعنوان "مناجم سليمان" دارت أحداثه في نيروبي والكونغو وفاز بجائزة الأوسكار عام ١٩٥٠ غير ان معظم الباحثين يرجحون بقاء كنوز الملك سليمان في ضواحي القدس أو وادي الأردن. ومنذ قيام الدولة الاحتلال الإسرائيلي والإسرائيليون يسعون بإخلاص للكشف عن مكانها إدراكا منهم لقيمتها بعملة اليوم. غير أن هناك عالم آثار روسياً يدعى فيليكوفسكي يرى ان كنوز الملك سليمان أخرجت من فلسطين بواسطة فرعون محارب يدعى شيشق، فطبقا لما جاء في التوراة عاصر سليمان الحضارة الفرعونية في عز مجدها وتزوج هو نفسه من ابنة احد الفراعنة. ولكن فيليكوفسكي يعتقد ان الفراعنة عادوا وغزوا فلسطين بعد انهيار مملكة سليمان ونقلوا تلك الكنوز الى مصر !! أما آخر الاجتهادات فطلع بها فريق آثار كندي بقيادة الدكتور شارلز فيبيك، فحسب ماجاء في تقرير نشرته مؤخرا "مجلة ارابيان اركيولوجي" اكتشف الدكتور فيبيك حتى اليوم مائتي منجم قديم في صحراء اليمن. ويعتقد فيبيك ان كنوز الملك سليمان اتت من تلك المناجم لأن تاريخها وطريقة تعدينها يعودان الى الحقبة التي حكم فيها، وهو يرى ان معظم تلك الكنوز بقيت في مكانها بعد وفاته ! وبهذا الرأي تصبح لدينا أربع فرضيات عن المكان الذي قد تختفي فيه كنوز الملك سليمان وهي باختصار : في غرب افريقيا أو صحراء اليمن أو صعيد مصر أو ضواحي القدس.