آخر الأخبار

مشاهد من وطني

في وطني تأتي الشمس متشحة بغلالة من حزن ، ويغوص البحر في طقوس الوجع حتى الغرق ، ويمضي الوقت غامضاً يحمل نكهة الموت ، يتسلل الألم المحمل بالشظايا من بين الأشياء ويسكن كل الأماكن والأشخاص، لا يعترف بعمر ولا يعترف بوقت.
في وطني يندثر الوقت في زمن قياسي، وتنتحر الأحلام في عيون الأطفال البريئة عندما تسكن الشظايا الغادرة اجسامها الغضة ويمتص الموت كل ما يجري في الشرايين مخلفاً بسمة تأبى ان تموت على الشفاه.

في وطني يتربص شبح اليتم براءة الأطفال، ولكنهم يكبرون ويتعملقون ويجتازون مرحلة الطفولة في مسافة ما بين ثلاجة الموتى والمثوى الأخير.

في وطني تتبعثر الأمومة في الطرقات باحثة عن أشلاء فلذات الأكباد ، قناديل الروح ترتجف وتتحسس بقايا اللحم الطري المتناثر وتضمه الى مسامات الروح وتلملمه لتهبه هدية للوطن.

في وطني تلتهب العتمة في ثورة على ظلم القصف العشوائي ، ويجتر القلق هدأة الليل ، وأجساد انهكها الرعب مصطفة في انتظار زائر بعد منتصف الليل يأتي بغتة ليسحق ويدمر ويرحل تاركاً أنقاض حياة.

في وطني هناك رغبة في الحياة ، هناك رغبة في البقاء، هناك إصرار على الصمود، تراها في عيون طفلة مبتورة الأطراف وتسمعها على لسان أم ثكلى حصد الموت  كل افراد عائلتها أو في دمعة شامخة معلقة على أهداب رجل وتأبى الإنحدار.

في وطني يتلاحم البشر في لوحة تتوحد فيها كل الرغبات وتذوب فيها كل الخلافات ، لوحة فريدة تجسد وحدة المصير وتثبت في ذاكرة الألوان.

في وطني يسكت الكلام ويصرخ الصمت عندما يتكلم البارود على مرأى ومسمع من صناع القرار الذين يعجزون حتى عن الكلام، وعندها تهاجر كل الأمال في دوامة السؤال المبتور الذي لا يجد إجابة..
أغلق عيني ، وتشق أهة حيرى صدري المثخن بالألم ، أدّعي النعاس حتى أجد حجة للهروب من وجع الكلمات المحمومة التى تحرق أصابعي ، ولكن على أهدابي ترقد ألاف الصور وتطاردني كل الحكايا التى نزفتها حماقات البشر.

سلوى حماد