هل يمكن أن نتحكم في أفكارنا ومشاعرنا كما نتحكم في حركة أجسادنا؟.. هذه هي الطريقة السليمة لتدريب عقلك للقيام بذلك

إذا ذهبت إلى الطبيب وأخبرته أنك تسمع صوتًا في عقلك فسيرسلك إلى معالج نفسي، ولكن في الواقع كلنا نسمع أصواتًا في رؤوسنا طوال الوقت، ونعاني من الشرود الذهني، وذلك بسبب الأفكار التي تستحوذ على عقلك سواء كانت قصيرة أو عابرة .وقد تجهل مدى قدرتها الكبيرة على التحكم والسيطرة على مشاعرنا وسلوكنا لأن هذه الأفكار تعلق في عقولنا، فتصدر الأحكام وتقارن وتتذمر وتحب وتكره وتهاجم، كأنك لا تستطيع التحكم في تدفق تلك الأفكار والمشاعر، فمن الطبيعي أن تشعر بالحزن والغضب. يقول واين داير في كتاب "مواطن الضعف لديك": "لا يوجد ما يسمى بمشاعر التوتر في هذا العالم، ولكن البشر هم الذين يفكرون في أمور تصيبهم بالتوتر"

إذًا ما الحل؟ هل يمكن أن نتحكم في أفكارنا ومشاعرنا كما نتحكم في حركة أجسادنا؟

من السهل أن تتحكم في حركة جسدك والسيطرة عليه مثل تحريك ذراعك أو المشي أو أن تغمض عينك، لأنها تعمل وفق اختيارنا وقراراتنا

ولقد اكتسبت هذه القدرة منذ أول يوم ولدت فيه كانت حركاتك عشوائية، ولكن مع نموك، تطورت قدرتك على التحكم في حركات جسدك، وهي نفسها القدرة التي نحتاج إلى أن نتعلمها ونتعامل بها مع الأفكار والمشاعر

عقلك ملكك وأنت الوحيد المتحكم والمسيطر على أفكارك ومشاعرك:

عندما تصغي إلى الأفكار التي في رأسك فأنت وحدك تختار الأحداث وتحكم عليها بأنها جيدة أو سيئة، ممتعة أو غير ممتعة، آمنة أو خطرة، فإذا كنت مسؤولًا ومسيطرًا على انفعالاتك فليس هناك ما يضطرك إلى اختيار ردود أفعال سلبية ويتطلب منك استئصال كل ما تراكم لديك من عادات التفكير السلبي التي تكون عائقًا أمام سعادتك

مثال على ذلك عندما تستيقظ في الصباح وتذهب إلى عملك وتجد الطريق مزدحمًا، فممكن أن تراودك أفكار أنك سوف تتأخر عن العمل، فلديك هنا خياران إما أن تشعر بالقلق والتوتر وإما أن تسترخي، فأنت الشخص الوحيد الذي لديه السلطة على أفكاره واختياراته

ما الطرق التي تساعدنا على السيطرة والتحكم في مشاعرنا؟

يقول واين داير: "الحياة ليست مملة، ولكن بعض البشر يختارون الشعور بالملل.. فالشعور بالملل اختيار شخص". إن اختيارك في تولي مسؤوليتك تجاه نفسك يستلزم الوعي، وتغذية عقلك بالأفكار الإيجابية، إن السيطرة على الأفكار تبدأ من خلال إمدادنا بالثقة التامة والمسؤولية، لذلك انتبه لنفسك عندما تقول: "لقد جرح مشاعري"، لأن التفكير الجديد يتطلب منك التخلص من فكرة أن البيئة والناس من حولك هي المسؤولة عما تحس وتشعر به، لذلك تحتاج إلى وقت لتتعلم الفكرة الجديدة التي تتمحور حول أنك الوحيد المسؤول عن مشاعرك

وهنالك بعض الطرق قد تساعد على ذلك

استمع إلى أفكارك التلقائية

حاول استرجاع الحدث واستمع إلى الأفكار التلقائية دون الحكم عليها، فقط استمع إليها واسمح للمشاعر بالظهور كأنك تستمع إلى جهاز تسجيل داخلك حتى تكتشف منبع المشاعر السلبية واسمح لها بالظهور والرحيل بكل هدوء وسلام ومن دون مقاومة

سجل أفكارك

احتفظ بسجل خاص للأفكار، قم بتسجيل أي أفكار ومشاعر سلبية تراودك بأسرع وقت، واكتب أفكارًا إيجابية بديلة عنها وحاول أن تتدرب عليها

أساليب الاسترخاء

يعتبر التأمل من أفضل أساليب الاسترخاء، حاول أن تخصص فترة وجيزة من وقتك لممارسة التأمل كل يوم لمدة 5 أو 10 دقائق

استلق في مكان هادئ وأغلق عينيك وركز للحظة على الأحاسيس التي تسري في جسدك، خاصةً في الأماكن التي تشعر فيها بشدة، وخذ عدة أنفاس وتخيل أنك ترسلها إلى جميع أجزاء جسمك، واستمر في التنفس من بطنك عدة مرات حتى تتخلص من كل الأفكار السلبية وتطردها

عِش اللحظة

أفضل طريقة كي تتخلص من الأفكار هي أن تتعلم كيف تعيش لحظة بلحظة، وأن تندمج مع واقعك الحالي، ليس بملكنا سوى أن نعيش لحظة الحاضر، فذكريات الماضي دروس نتعلم منها وأما لحظة المستقبل فستصبح من لحظات حاضرنا حين يأتي وقته

تدرب على التفكير الإيجابي كل يوم

اكتب كلمات إيجابية وألصقها حولك، ضعها في غرفة نومك وعلى مكتبك، ركز على أكثر الأماكن التي توجد فيها بكثرة وضع هذه العبارة ورددها كلما نظرت إليها

كذلك حاول أن تأخذ من وقتك 5 دقائق كل يوم وتدرب أن تتحدث مع نفسك من خلال الوقوف أمام المرآة بعبارات إيجابية وكلها حب لذاتك

أنت مسؤول عن مشاعرك وليس الآخرين

ذكر نفسك دائمًا بأنه لا يستطيع أحد أن يكون مسؤولًا عن مشاعرك غيرك أنت، لذلك حينما تقول لشخص ما لقد جرحت مشاعري، تذكر وقل لنفسك أنا الذي تسببت في جرح مشاعري، أنا الذي تسبب في إحراج نفسي، لأنه لايوجد شخص مسؤول عما تشعر به إلا أنت