لبنان يناشد الأمم المتحدة لإيجاد وسائل بديلة لتمويل المحكمة الدولية المختصة بالنظر في الاغتيالات

ناشد لبنان الجمعة الأمم المتحدة إيجاد "وسائل بديلة" لتمويل المحكمة الدولية في لاهاي التي تنظر في جرائم اغتيال هزت هذا البلد في مناسبات مختلفة، وذهب ضحيتها عدد من اللبنانيين بينهم سياسيون كرئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. وتأتي مناشدة الحكومة اللبنانية بعد إعلان المحكمة الأربعاء أنها "من دون تمويل فوري، لن تتمكن من مواصلة عملها بعد تموز/يوليو" المقبل. وكان رد عائلات الضحايا سريعا، عبرت فيه عن أساها من هذا الوضع الذي يساعد على "الإفلات" من العقاب.

بعد إعلانها أنها "تواجه أزمة مالية غير مسبوقة" ستمنعها من مواصلة عملها، طلبت حكومة لبنان، الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية، الجمعة، من الأمم المتحدة إيجاد "وسائل بديلة" لتمويل المحكمة الدولية التي تنظر في جرائم اغتيال عدة شهدتها البلاد.

وجاءت مناشدة دياب، وهي أول تعليق رسمي بعد إعلان المحكمة الأربعاء أنها "من دون تمويل فوري، لن تتمكن من مواصلة عملها بعد تموز/يوليو" المقبل، في وقت صنف البنك الدولي أزمة لبنان الاقتصادية والمالية من بين أشد عشر أزمات، وربما من بين الثلاث الأسوأ في العالم، منذ منتصف القرن التاسع العشر.

وينص نظام المحكمة، التي تأسست بطلب لبناني وبموجب قرار عن مجلس الأمن تحت الفصل السابع الملزم في أيار/مايو 2007 للنظر في جرائم اغتيال أبرزها اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في 14 شباط/فبراير 2005، على أن يساهم لبنان في تمويلها بنسبة 49 في المئة، فيما تؤمن الدول المانحة نسبة 51 في المئة المتبقية بموجب مساهمات طوعية.

وقال دياب في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "بالنظر للتحديات التي تواجه المحكمة الخاصة بلبنان، ومع الأخذ في الاعتبار الأزمات الحادة المستمرة التي يعاني منها لبنان (..)، فإن حكومة لبنان ستكون ممتنة لسيادتكم لاستكشاف الوسائل المختلفة والبديلة لتمويل المحكمة، بشكل عاجل مع مجلس الأمن والدول الأعضاء، لمساعدتها في إنجاز مهمتها".

واعتبر أن "العواقب الأشد إيلاما" عن توقف عمل المحكمة "تكمن في انعكاس صورة لعدالة مجتزأة وناقصة لدى جميع المطالبين بالعدالة والأشخاص الذين يثقون بسيادة القانون ومنع الإفلات من العدالة"، مشددا على أن "الصعوبات المالية يجب ألا تعرقل إنجاز عملها حتى النهاية".

غداة إعلانها عن "أزمة مالية غير مسبوقة" قد تمنعها من مواصلة عملها، أفادت المحكمة في بيان الخميس أن الغرفة الأولى أصدرت "قرارا ألغت به بدء محاكمة" سليم عياش، المدان الوحيد في جريمة اغتيال رئيس الحريري، والتي كانت مقررة في 16 حزيران/يونيو للنظر بقضية تتعلق باعتداءات استهدفت ثلاثة سياسيين لبنانيين بين العامين 2004 و2005.

وقالت إن قرارها يشمل أيضا تعليق "جميع القرارات المتعلقة بالمستندات المودعة حاليا أمامها، وبأي مستندات تودع مستقبلا وذلك حتى إشعار آخر".

مخاوف من "الإفلات" من العقاب

في موازاة إبداء المحكمة "أساها الشديد إزاء تأثير هذا الوضع على المتضررين من الاعتداءات"، أعرب متحدثون باسم عائلات ضحايا في بيروت عن خشيتهم من أن يكرّس وقف المحكمة لعملها سياسة "إفلات" المرتكبين من العدالة.

وكان من المقرر أن تنظر جلسة المحاكمة المقبلة التي جرى إلغاؤها في ما يعرف بقضية عياش، الملاحق في ثلاث جرائم أخرى تبين أنها متصلة بجريمة الحريري وهي اغتيال الأمين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي في 21 حزيران/يونيو 2005، ومحاولتي اغتيال الوزير السابق مروان حمادة مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2004، ووزير الدفاع السابق إلياس المر في 12 تموز/يوليو 2005.

وعقد ممثلو عائلات ثلاث ضحايا قضوا في الاعتداءات المذكورة مؤتمرا صحافيا الجمعة في مقر نقابة الصحافة في بيروت، ناشدوا خلاله المجتمع الدولي التدخل لتوفير تمويل للمحكمة.

وقالت متحدثة باسم عائلة حاوي "نحن نُقتل مرتين: المرة الأولى جراء اغتيال الشهداء والمرة الثانية جراء اغتيال المحاكمة عمدا". وأضافت "إن أقفلت المحكمة أبوابها، فعائلة الشهيد جورج حاوي ستقاضي كل مسؤول في المحكمة أو الأمم المتحدة تسبب بتأخير النظر في قضيتنا".

وأكدت متحدثة باسم عائلة غازي بو كروم، وهو عسكري قتل في الاعتداء على حمادة، "16 عاما ونحن ننتظر العدالة الدولية بعدما فقدنا الأمل بعدالة الوطن". وحذرت من أن توقف المحكمة الدولية عن النظر في قضية عياش هو "اغتيال ثان لنا ولشهدائنا... وضرب لآمالنا بالعدالة".

وبدأت المحكمة ومقرها في لايدسندام قرب لاهاي، العمل مطلع آذار/مارس 2009. ومدد غوتيريس في شباط/فبراير تفويضها لمدة سنتين.

وبعد تحقيقات استمرت 15 عاما وكلفت أكثر من 800 مليون يورو، أدانت المحكمة في 18 آب/أغسطس 2020 سليم عياش، العضو في حزب الله، بتهمة "القتل العمد"، في قضية اغتيال الحريري بتفجير استهدف موكبه في وسط بيروت وأسفر عن مقتل 21 شخصا آخر وإصابة 226 بجروح. وبرأت ثلاثة متهمين آخرين. وتم استئناف الحكم الصادر في حق الأربعة بعد محاكمة غيابية.