بتول داوود تكتب في إحدى ليالي السهر

وفي إحدى ليالي السّهر

اندفعَ الصّمتُ على ركبةِ البوح

دفعة واحدة خرجَ مولوداً ما

بين زمنين

أحدهما يحرّضُ على بلعِ الكلام

والآخر يلعبُ على إثارةِ وتر

حنجرة... عذراء

لتنجبَ من البوحِ ذريّة

في البداية

ظننتها كإحدى ليالي السّهر عاديّة

لستُ أدري

لستُ أدري كيف تحوّلَ لساني من أبكمٍ جاهل إلى جهبذٍ يناجي أفواهَ من تلعثموا في نطقِ الحب، 

لنيلِ طعم حاء الحريّة

وباء البوح

ومحوِ هيمنة الأُميّة

أتدري أشيمي؟ 

كنتُ فاشلة في مدرستي الإبتدائيّة

وعجزتُ عن مسكِ القلم

في المرحلةِ الإعداديّة

والثانويّة ولَّت دونَ

ارتكاب حرف

وانتهاك حرمة جملة

أو قاعدة واحدة نحويّة

حتّى داهمتني عينيك

وأقمتَ مستعمراتك

ونصبتَ خيامك

وبنيتَ قلاعك

جميعها جميعها

في جوفي متمركزة

فالخافق لك

ملك يديك

نبضهُ ينطق

إنّهُ يناديك... 

لم أتوقع يوماً أن أتوهَ في

ميدانٍ أحمر

لا يعرفُ إلا طعم القُبل

بلونِ الرّمان

ونشوة الجرعة السّابعة ما بعد المئة

من خمرٍ مُرهق ونبيذ

لم أتوقع أن تعتادَ شفتي

على أحمرِ شفاهٍ من صنيعك

وأن تعتادَ يدي

على ارتداءِ قفاز

من صنيعك

وأن تعتادَ وسادتي

على حمل عطرين 

في آنٍ معاً

من صنيعك

أحبُّ نقاطَ ضعفك

ونقاط قوتك

أحب كلّ مافيكَ من شوائبٍ

مصائبٍ

ونزوات

أحب نزوحك ليلاً

من موطنك الأصلي

إلى دولةٍ أُخرى

مجاورة

مسالمة

لكن! جائعة 

كاللتي في أيسرِ صدري

لا يمكن لأنثى مثلي أن تبقى

على رف

وأن تبكي وحدها في قعرِ الرف

تنتظرك

تكرهك

تلعنك

تكتبك

على الشّفة السفلى

من ذاتِ الرف

أتوقُ مجدداً لإحياءِ ماتبقى

من جنوني

أتوق مجدداً

لنثرِ الخجل

لإحيائي

وإحيائِك

وإحيائنا معنا

عبر بصيص أمل

وتأكيدٍ بسيط

وإلحاحٍ مديد لوجودي

وتكرار وتكرار وتكرار 

(أحبك... )

أريدُ أن ألوي عنق البعد

وذراعه

وساقه

أريد إعادة تأهيله وتهذيبه وتعليمه

فنون ترويض الكبرياء

واللحاق بك