آخر الأخبار

مرايا الآباء للشاعر إحسان قنديل

مرايا الآباء

فرحٌ يتنزه بين أصابعنا 

يتسلق أعمدة الشوق ينبش أضلاعنا 

كشراع يراقص أغنية البحر

والشطّ حوريةٌ تقتفي أثر الشمس 

كنّا نُعدُّ لأصواتهم 

شجرا من ندى 

قبل أن ينهش الوقت أحلامنا 

ثمّ يرمي بنا 

سفناً للسفر 

ها همُ يرحلونْ 

قبل أن ينزع الليل قمصانه عن حبال الغسيل 

قبل أن يكمل البدر دورته فوق أرجوحة الأفق 

كنّا نربّي الأغاني على حزن جدّاتنا

والمآسي مواقد أيامنا 

لنصبّ الزمان لأبنائنا 

مخملا وحريرْ

إنهم يرحلون 

كالعصافير جفّلها الصيد بين البيوتْ

كالغزالات ضنّت عليها مياه الغديرْ 

كالغمام يودّع خصر الجبال 

ولا يستديرْ

هنا كم شربنا المدى 

من مساء يطلّ عل شرفة قاحلةْ

ورفعنا لهذي البلاد جناحاً 

كي لا تبيتُ البلادُ حقائب هذا الرحيلْ

إنّني لا ألوم الرياحَ 

ولكنّني ما استطعْت البقاء كما الغابة الذابلةْ

ما استطعت النهوض كما الكائناتِ تمجّ التنفّس 

من خيبة قاتلةْ 

وها كلما أسرج الجلّنار سياجاً 

وقفتُ 

وحدّقتُ في الأفق حتى ملأتُ عيوني سماءً

وصلّيتُ ... صلّيتُ 

حتّى يكون لقلبي مطارٌ

لأغلقَ أبوابه 

وقطارٌ

لأوقفَ دمدمةَ القافلةْ