هدنة

                                                                          

في عتمة الليل أعانق وسادتي
وألتحف كل محاولات النسيان
وأفتح عينيّ أنوثتي
وأعاند نعاس كبريائي
فتخذلني ذاكرتي
وتتراشق معي بنيران الذكريات
يا أيتها الذكريات المجنونة ارحلي
غادري ذاكرتي وانجلي
لقد مضى زمنٌ وأتى زمان
فاتركي لي دفتر الماضي
خاوياً بلا كلمات
بلا عنوان
كل الأشياء تصدأ  مع السنين
فلماذا يا سطور الماضي

 على صدر حاضري تجثمين؟!
يا ذاكرة أيامي
قولي لي بأي حبر للأحداث كنت تدونين؟!

وكم من رواسب عمري تبقى لتجرفي
سنوات وسنوات مرت
أما آن الأوان لتهدئي؟!
ألم يكتمل الحبر
ألم تنتهِ الصفحات
أمازال هناك متسع للكلمات؟!

أيها النسيان تعالَ
لتزور ذاكرتي كالآخرين
لقد آن  الأوان لروحي المتعبة
أن تهدأ في رحابك وتستكين

اشتقت لفترة هدنة مع نفسي
أغمض فيها عيني عن أمسي
وألوح مودعة
لبقايا نبض خافت

يتجاوز حدود الصمت
ويصاحب همسي
هدنة أمحو فيها ملامح
من خطف من شفتيّ بسمتي
وصادر من أبجدياتي كل الحروف
ولم يبقَ لي غير عينين
تحتضنان بالحزن دمعتي
تلزمني هدنة
ألملم فيها شتات روحي
وأحضن فيها فرشاتي
سأعبث بالألوان كما أشاء
وأصنع لوحة جديدة لذاتي
وأغير حروف الأبجدية
سأختزل الكلمات في رموز سرية
وأكتب بحبر النسيان أشعاري
وأخبئها في جوف الغد
فلن تستطيع قراءتي بعد اليوم
ولن يعود هناك للحديث بقية

سلوى حماد