هنالك شعرة رفيعة بين المغامر و التائه، بين الثرثار و الثائر، بين الفضولي و الطفولي، بين الفاهم و المتفيهم، العبقري و المجنون. هناك حاجز هلامي بين الثقة و الغرور، جسر ضبابي يبدأ طموحا و قد ينتهي اندفاعا؛ هناك الصابر و المغلوب.  هناك  أزمة عاطفية  في كنه الصراحة و الوقاحة، السخاء و التبذير؛ النصح و التوبيخ ...وعلة تبين الحسد نقدا للبناء.

ثمة غشاوة ما، ثمة سوء تقدير ما، فقد نرى المنافق المتملق نحسبه الزاهد العابد، قد تصدق الظاهر  و أنت  تأمن باطنه وقد تصاحب اللئيم تحسبه كريما، قد تروم تشاطر العيش مع الحليم  وهو يقتات على الغدر مشتدا مكره.

هما وجهان لعملة واحدة، غلافان لكتاب واحد، بابان لبيت واحد، ظلان  لشخص واحد ؛ ولك أن تبصر أيهم أنت و أيهم تقابل على خشبة الواقع. قد تتسابق  المحبة و المصلحة؛ و يتشبت المكر بالحنكة و الخبث بالحكمة؛ قد يخلط الصمت بالسكوت فيقال صامت و يقال ساكت. هناك  إيقاع خاص للصبر و ضرب عشوائي للذل؛ قد يتهيأ لنا سكوتنا عن الذل صمتا للصبر...