لقاء خاص مع الخليجية بنت الإمارات العربية المتحدة الملقبة ببنت زايد والناشطة في المجال الإجتماعي "أمينة البناي"

منذ إنطلاقتها في نهاية أغسطس 2017 دأبت صحيفة عرب كندا على التواصل مع كل أبناء الجاليات والمغتربين العرب بدون استثناء، لتقدم نماذج متنوعة في الثقافة العربية الموحدة.
نماذج تحمل معها قصص نجاح ملهمة ، فكان لنا في هذه العدد الخاص  لقاء حواري مع الناشطة في المجال الإجتماعي بنت الإمارات العربية المتحدة التي جاءت إلى كندا منذ ثلاثة عشر عاماً أكملت خلالها دراسة الماجستير، لتسجل قصة حب ما بينها وبين هذا البلد العظيم بالرغم من التقدم الهائل الذي تتمتع به بلدها وبالرغم من الإمكانيات الكبيرة المتوفرة للمواطنين الإمارتيين بشكل عام كسياسة عامة لدول الخليج  تجاه مواطنيها،نستضيف اليوم أمينة البناي لتحكي لقرائنا الكرام حكايتها مع كندا منذ وصولها حتى يومنا هذا.

أمينة :  بداية أشكر صحيفة عرب كندا على تواصلها معي لكي أشارك بهذا الحوار الذي أعتبره مبادرة مهمة لترسيخ جسور التواصل بين أبناء الجاليات العربية بشكل عام.
أنا متابعة جيدة لصحيفة عرب كندا وأشعر بأنها تقدم رسالة إنسانية مهمة وهذا بحد ذاته أمر إيجابي جداً.
لذلك أود ان أوضح نقطة عن موضوع الإيجابية،  حيث أنها  ليست مجرد شعار فقط،  وإنما هو إسلوب حياة يجب أن نطبقه في كل دقيقة من حياتنا. 
ربما شخصيتي المتعارف عليها بين الناس ومتابعيني تعكس انطباع الشخص الإيجابي،فأنا شخصية لا تحب التذمر، وإن  كانت هناك مشاكل حياتية معيقة ، فأنا أحاول أن أجد لها حلولاً حتى لا تؤثر على حياتي الشخصية والأهم عندي على الدوام أبنائي وزوجي ، فالأم عنصراً مهماً ومؤثراً في سعادة الأسرة بأكملها. 
 أما بالنسبة لموضوع الطقس في كندا، فبالرغم من صعوبة الشتاء هنا، واختلافه عن بلادنا ،فأنا أنظر له بإيجابية وليس كما يراه الكثيرون من حولي، أبتسم عندما يلامس الثلج وجهي و هذا يعطيني أمل وتفاؤل ، بلا شك أن السلبية موجودة في داخل كل شخص منا، بالأخص مع الأوضاع التي نمر بها فيما يتعلق بفيروس كورونا وتحدياته  لكن يجب على كل شخص منا أن يتخلص من سلبيته ويتعامل بإيجابية حتى تنعكس إيجاباً عليه وعلى الأخرين. 
من هي امينة؟ 
 إسمي أمينة البناي، وأنا إماراتية، جئت إلى كندا مع زوجي وأولادي لغرض الدراسة منذ عدة سنوات ، وبفضل الله حصلت على قبول الماجيستير في جامعة أوتاوا وجامعة سينت بول، وتخرجت من الماجستير بدرجة الامتياز، وأعتبر الوحيدة في الخليج التي حصلت على هذا التخصص. تخصص(  public ethics)  أخلاقيات عامة.
وقد ساعدني زوجي مروان الهاشمي بشكل كبير في مسيرتي الحياتية والعلمية وحتى المهنية، لذلك أعتبر زوجي له الكلمة الأولى والأخيرة في مسيرة حياتي إحتراماً وتقديراً لمكانته وإلتزاماً مني بعاداتنا وتقاليدنا العربية والخليجية بالتحديد التي نعتز بها. 

منذ مجيئك الى كندا، إخبرينا كيف تأقلمتي مع واقعها المختلف تماماً عن واقع الحياة الخليجية؟ 
 كندا جميلة وفيها أناس من مختلف المجتمعات العربية وهذا الشيء أعتبره جميل ومهم جداً لكل عربي جديد، صحيح إنني عانيت كثيراً في بداياتي، خاصة أنني جئت هنا مع أولادي وكانوا صغاراً  وهذا الأمر كان يتطلب مني الكثير من الجهد وزادت المسؤولية علي عكس حياتي في الإمارات حيث كان لدي من يساعدني في شؤون المنزل بالإضافة إلى وجود الأهل. 
ما أود قوله للناس الذين دائماً يقولون بأنني أحب كندا ومبسوطة فيها، نعم أنا أحبها رغم ظروف الغربة والعوائق الكثيرة ورغم إنني لا تركت الرفاهية والحياة السهلة في بلدي ، إلا  إنني متمسكة بحلمي وأحاول أن أسعد نفسي وأتخطى الصعوبات بدعائي وأملي وثقتي بالله فلدي هدف سامي أسعى من أجل تحقيقيه ولدي أحلام أحلام كبيرة هي الحافز الذي يعطيني القوة و العزيمة والإصرار للمضي قدماً بإيجابية، لهذا السبب أحب كندا التي أحقق فيها حلمي بالنجاح ،والحب يجعلني أنجز وأنجح فالحب السليم هو أقوى سلاح لنجاح الإنسان  . 

هل ممكن أن تحديثنا عن دراستك و ما الدافع لاختيارك هذا التخصص؟ 
دراستي هي الأخلاقيات العامة واخترتها الحمدلله وتوفقت فيها لأن عندي بعد نظر، أخذت شيء جديد مطلوب في المستقبل وفي الوطن العربي بشكل عام وفي الخليج بشكل خاص،  لأن التخصص هذا موجود في كندا وأمريكا وأغلب أعضاء البرلمان لديهم هذا التخصص،  والطبيب أيضاً  عليه دراسة كورس حول هذا الأمر ، والمهندس والمحاسب كذلك،  بإختصار شديد هذا التخصص ممتد لكثير من الماجالات  المجالات وهو مهم جداً حيث أن الترجمة الحرفية لهذا التخصص هي (الأخلاق في الإدارة العامة). 
الهدف من الدراسة هي التمرن على استنتاج القضايا الأخلاقية التي تترتب على القرارات الحكومية، وتركز هذه الدراسة على تقييم الممارسات الاجتماعية والسياسية والحلول التي تؤخذ بعين الإعتبار بالنسبة للحكومة. هذه الدراسة أيضا تركز على ممارسة كتابة السياسات العامة. 
وتهتم بالأسئلة الأخلاقية التي يطرحها المجتمع، وتوصيل هذه الأسئلة للمستويات العليا صاحبة القرار ، ليتم مناقشتها من خلال المسؤولين ومعهم ، كما تهتم بتوصيل القرارات بشكل تعليمي للمواطنين.  

كيف تنظرين إلى تربية الأطفال في كندا؟ 
تربية الأولاد في كندا ليست سهلة كما يظن البعض بالأخص في سن المراهقة، يطول الكلام في هذا الموضوع ويجب ان نعطيه حقه لأهميته الكبيرة، فدور الأم والأب كبير في هذه المرحلة ويجب عليهم احتواء أبنائهم بالمعنى الحقيقي والمعنوي، يعنيأن يحتضنوا أبناءهم ولا يتركونهم للشارع ورفقاء السوء.
 أقول هذا الكلام المختصر من خلال صحيفة عرب كندا وبصوت عالٍ ليسمعه كل أب وأم في كندا، إتعبوا على أبناءكم فهم يستحقوا هذا التعب بما انكم أنجبتموهم، فهم ضعفاء ولا حول ولا قوة لهم وليس كل الأمور واضحة في ظل التناقضات بين الموروث والواقع. 
الأبناء الضائعين في الشارع و السجون يكون  المسؤول الأكبر عن ضياعهم الأبوين، فالأبناء ينتظرون يد حنونة وقلب صبور وحضن دافئ وعقل سليم ليحتويهم ويحميهم من الضياع، فالضياع بالطبع ليس اختياره الأول والعاقل يفهم. 

كإمراة خليجية ما رأيك بانتهاء القطيعة الخليجية؟  
القضية الأخيرة التي حصلت والصلح بين الإمارات وقطر شيء مُفرح لي ولكل مواطن إماراتي وقطري.  نحن كشعب إماراتي نتفق على حب حكامنا وبالتالي نثق بقراراتهم السياسية بما إنها لا تتعارض مع العقيدة والدين، فنحن معهم قلباً وقالباً وبكل وطنية وحماس، ولهذا أقول باختصار بأن الإخوة اختلفوا وتصالحوا بعد تدخل العقل وإفساح الطريق للحكمة. 
 بالطبع ، لقد فرح كل من الشعبين الإماراتي والقطري بالتصالح ونقول سمعاً وطاعة وبدون أي تفكير أو نقاش ، فنحن كشعوب لا يوجد ما يغضبنا من بعضنا البعض،  وأعتقد بأن الشعب الإماراتي الذي أنا منه وشعوب الخليج بشكل عام قادرين على تجاوز المحن، فنحن شعوب سعيدة والحمدلله. 
كيف تولدت فكرة التصوير لديكِ؟ 
التصوير حب الحياة والطبيعة والتفاؤل لان النفسية تنعكس على الصورة سواء كانت مرسومة أو من خلال تصوير فوتوغرافي، ولقد أحببت هواية التصوير لأنني أحب المكان الذي أجلس فيه أو أعيش فيه، بمعنى انني إذا تعودت على جلسة معينة في كافيه أحبه ولا أحب التغيير، وكذلك  الأشخاص والأماكن فالتصوير لهذه الأشياء وبحب قد أعطاني قدرة على الابتكار والتقاط صور من عدة زوايا تضفي إحترافية وجمالا ، والوان جميلة،  ودائماً أسمع الإطراء والإعجاب من الناس حول هذا الأمر ،  مما كان أمراً إيجابيا ودافعاً مشجعاً ، فقمت بالإبداع فيها الحمدلله.
وهنا أود القول بأنه يجب على كل شخص ان يحب المكان والعمل الذي يقوم فيه ويؤمن بقدراته لكي يبدع فيه، فلماذا يرسمون القلب على شراب القهوة في أغلب المقاهي مثلاً؟؟ القصد إنهم يريدون إيصال رسالة بأن هذه القهوة قد صٌنعت بحب ، وبالتالي الشخص سيكون  سعيداً بشرب قهوته وسيحبها ولو كانت مرة.

البناي : الخليجيون إخوة، ونحن الإمارتيون نتبع ولاة أمرنا

ما الذي تردين قوله من خلال صحيفة عرب كندا كأم عربية تعيش في كندا؟
 الأبناء هم أهم من أي عنصر في المجتمع فيجب أن نبني شخصيات قوية سليمة في الفكر والجسم لكي يستطيعوا بناء مجتمعاً سليماً خالياً من العاهات والأمراض الجسدية والفكرية، وأتمنى من كل أب وكل أم أن يولوا أبنائهم اهتمام كبير حتى لا يخسروهم لأن خسارة الأبناء هي الخسارة الحقيقية، عليهم أن ينتبهوا لموضوع المواد المدمرة للعقل والتي قد يحصل عليها الأبناء هنا بسهولة.
 
أخيراً ، ما هي حكاية قصة إسم بنت زايد؟ 
نحن نعبر دائماً عن اعتزازنا بهويتنا  الإماراتية ونتمنى لدولتنا كل الخير والتقدم، لذلك اخترت أن أقدم نفسي بإسم بنت زايد..
كما ذكرت بأننا كإماراتيين نعتبر أسعد شعب، ووجودي في كندا جعلني أقدم نفسي هكذا،   وهذا ما نفعله بشكل طبيعي في الغربة. وقد لاحظت عندما أقدم نفسي على إنني من الإمارات أرى الابتهاج في وجه الذي امامي وإقبال على ومحادثتي بشكل أفضل ويحترمني بشكل أكبر لدرجة إنني إذا قلت لأي شخص من أين أنت لا يتكلم بشكل مريح ولكنني أتعمد القول بأنني إماراتية فيبدأ الشخص الاخر بالتعريف عن نفسه بشكل أكثر وأكبر بحب وبدون أي خوف.