آخر الأخبار

إضاءات أسرية .... المفترق الفاصل بين عام مضى وعام قد بدأ،

بقلم/ د. رائدة أبو سلامة

أعزائي القراء..مرحبا بكم في عام جديد نتمنى أن يكون عام خير وبركة على الجميع.. كل عام وأنتم بخير وسعادة.

في هذا المفترق الفاصل بين عام مضى وعام قد بدأ، وفي ظل الظروف التي طرأت على العالم بسلبياتها وإيجابياتها من خلال الجائحة وتبعاتها..لا شك أننا بحاجة إلى وقفة مع النفس حتى نضبط مقود المركبة التي نسير بها وحتى لا يتوه بنا الطريق. تكلمنا كثيراً عن الإتزان في الحياة وما لها من تأثير عجيب في السير والإهتداء لتحديد الأهداف والوصول إلى أحسن النتائج بإذن الرحمن، وفي هذا الوقت من بداية كل عام عادة ما يلتفت الشخص إلى الوراء ليسأل نفسه: ماذا فعلت وماذا أنجزت وأين وصلت رحلتنا بالحياة؟.. رحلة مسافرٍ إن تاهت به الدروب قد يسقط أو يتوه في دهاليز الضياع خاصةمع تسارع الوقت.. فمن المجدي أن ينظر كل منا لخريطة الطريق ويتفحص ويعمل التحديث المناسب للإتجاه الذي يوافق رؤيته ليصل إلى الرضى النفسي للشخص ذاته ولأسرته وأبنائه وأحبته. تحديد الأهداف يحتاج من كل شخص إلى رؤية مستقبلية واضحة المعالم لها محطات وتقييم وتقويم ومتابعة وجهد يصل بالشخص إلى هذا الرضى النفسي والذاتي الذي يحميه من شعور الإحباط واحتقار وجلد الذات وتقليل شأن الشخص لنفسه الذي بالتالي يؤدي إلى عدم الرضى والغضب من الوضع الراهن ككل ونقد الذات المستمر الذي يعكس السلبيات على الصحة النفسية وعلى الأسرة. من ذلك نستنتج أن ضبط إتجاه المركبة من الأمور المهمة والبديهية في عبور رحلة الحياة بسلام.. وما أود أن القي الضوء عليه في هذه الإضاءة بداية  أن مركبة الشخص تحتاج لصيانةٍ دوريةٍ أيضاً بمتابعة الأحوال الصحية والإهتمام بالجسد وحق البدن على الشخص المؤتمن عليه.. لا شك أن ذلك بالغ الأهمية فلا نلقي بأنفسنا إلى التهلكة من حيث التقصير في الحماية من الأمراض وتقوية المناعة والعمل على الحصول على جسدٍ قوي باختيار الأغذية المناسبة والمشي والرياضة وتمارين التنفس والإسترخاءوالإهتمام بأوقات النوم وعدم الإستسلام للجلوس الطويل.. فخلال العمل من البيت مثلا في هذه الظروف لابد من أخذ وقت ولو دقائق بين كل حين وآخر يتحرك من خلالها الجسم ليستعيد مرونته..  فنحن في عصرٍ لم يسبق لنا أن مررنا به من قبل.. هذه الجائحة التي قسمت الأشخاص إلى مستسلمين للكسل وإلى أشخاصٍ بدأوا بتدارك تبعيات هذا الجلوس المفرط في البيت بسبب ندرة الخروج وتقليل مزاولة الأعمال التي كانت تساهم في الحركة كالخروج للعمل والتسوق والذهاب إلى الصلاة والزيارات وغيرها فغيروا من عاداتهم وبحثوا عن الأنشطة التي لا تتعارض مع واجب العزلة التي سببها الوباء .. فعلينا الوعي والإنتباه لتلك المشكلة التي لا يرى أثرها إلا بعد الإنزلاق في عالم من الأوجاع والآلام والإحباط مما يعكس على الصحة الجسدية والنفسية للفرد.

لوكان دولاب مركبة أحدنا به مشكلة فلن تسير بسهولة فالناحية الصحية النفسية والجسدية من الأمور المهمة التي تجعل عجلة الحياة ودولاب المركبة عوناً للحركة لا عبئاً عليها. ولا شك أن هناك ركائز أخرى وأركان مهمة تجعل هذه العجلة تسير بسلاسةٍ ونعومةٍ وتحتاج إلى ضبط وتعديل مستمر، وهي التوازن بين النواحي الحياتية المهمة، الناحية الصحية والنفسية والدينية والشخصية والأسرية والإجتماعية والعلمية أو الثقافية والناحية المادية.. فلا إفراط في ناحية على حساب النواحي الأخرى.. الوقفة مع الذات للشخص الواعي والذكي هي وقفة مع هذه الأركان وغيرها من الأمور التي يعتبرها الشخص مهمة في حياته ومسيرته فيعملها بتوازنٍ وحكمة.للتوضيح على سبيل المثال لو أحدنا إهتم بالناحية المادية وأهمل الصحة أو أفرط في القلق أو قصر في مسؤولية الأسرة مثلاً، لكان دولاب مسيرته به خطأ فادح.. سيؤثر سلباً على حياته وأسرته وإنجازه وتضيع البوصلة أو الإتجاه وعلى ذلك نقيس الأمور الأخرى.

نحن علينا أن نعمل ما نستطيع عمله بوعي وحكمةٍ وذكاءٍ ومن ثم الأقدار بيد الخالق عز وجل.

مما لا شك فيه أن الثقة بالنفس والإنجاز يتأثر كثيراً برضى الشخص عن نفسه وبرضى الضمير ورضى الآخرين فكيف أكون راضياً عن ذاتي حتى أزيد من ثقتي بنفسي والتي تعكس على صحتي النفسية؟ ...سؤال وجيه ومهم سأتطرق لبعض المحاورالمهمة.. فإذا عملت بجد ومثابرة..وحرصت على أن تكون على صواب.. وفكرت بطريقة وتوقعات إيجابية.. وأرسلت لنفسك رسائل أيضاً إيجابية.. وعندما تتحكم بالرسائل السلبية ولاتجعلها تسيطر على أفكارك وحياتك فلا شك أن ذلك من أهم المساعدات للرضى النفسي والثقة بالنفس.. إضافة إلى تنظيم الوقت واحترام وتقدير الذات بأنه تعالى خلقنا في أحسن تقويم وكرمنا بالعقل والفكر وسخر لنا الكون وأعطانا أمانة أنفسنا كي نسير بالطريق السليم والطريقة المتزنة الواعية. يأتي دور الضمير الذي يؤثر أيضاً على الرضى النفسي وبالتالي زيادة أو إنخفاض الثقة، والذي يكون في أحسن حالاته أولاً بالإلتزام بالدين والأخلاق الحسنة وإحترام النفس وأفراد الأسرة والآخرين.. وثانياً عدم الظلم أو التعدي على الغير وعدم هضم حقوق الآخر سواء في الأسرة أو العمل أو المعاملات.. الضمير هو الجهاز الحساس في مركبتنا كي نعيش ونسير في سلام نفسي وسعادة وراحة بال. ننتهي عند نقطة رضى الآخرين عنا.. ولأن كثيراً من الناس يشعرون بكثيرٍ من الألم يختلج في نفوسهم بناء على خوفهم الذي قد يكون وهميا وهو كيف يراهم الآخرون.. فتتعلق الثقة بالنفس بناء على هذا التقييم.. والاستسلام لهذه المشاعر من أخطر الأمور على بناء الثقة بالنفس.. فلابد أن نعي أنه طالما أن الشخص محافظ على أداء حقوق الغير سواء داخل الأسرة أو مع الأصدقاء أو الأهل أو المعارف وطالما أنه غير مقصر في واجبهم ومقدر لشخصهم ولمشاعرهم وظروفهم.. إذا إنتبه لهذه الأمور المهمة فلا شك أن الإحترام المتبادل بينه وبين الآخرين سيكون أقوى وأجمل ورضى الآخر يكون واضحاً فيصبح الضمير براحة أكبر وبالتالي تزيد الثقة بالنفس ويزيد الرضى النفسي وإحترام الذات ويرتفع التقدير الذاتي.. مساعدة الغير والشعور بآلامهم واحتياجاتهم تزيد من معدل السعادة والشعور بالفخر الداخلي والثقة المنشودة.. هي معادلات مركبة لها محصلة لكل فرد ألقيت عليها إضاءة.. قد تعلمون أكثر مما كتب القلم بكثير ولكن أرجو أن تكون إضاءتي قد أفادت ولو بالقليلفتكون زاداً لرحلة المسير في حياة سعيدة هانئة وتخطي لعقبات النفس وتجاوز عثرات الطريق.. فيمتد وعينا لمن حولنا ولأبنائنا كي نرشدهم في رحلتهم المستقبلية بإذنه تعالى.

أشكر لكم مروركم.. ولاننسى.. إذا فرح الآخرون بقدومكم..فأنتم بخير.. دمتم بخير..