وخزة ل نهال النجار من مصر

وخزة

 

في كل ليلةٍ يخشوشن سمعي صوت مريب، وأنا كطفلٍ أهابُ الأصوات المخيفة، فألتفُّ في غطائي الوثير، وأغمضُ عيني، أحتضن قفصي الصدري، وأثني ركبتي مرتعشًا، ومتخبطًا، فتمضي الليلةَ في سلامٍ ظاهري، فباطنه موحش ومُريب.

 

في الصباح فُزِعت أمي حينَ مرّ بها صوتُ نواحي، رَبتت على كتفي وقالت: الرجال لا يبكون، التصقت الكلمة بي، وصارت عقيدتي ونهجي، نعم الرجال لا يبكون. 

 

الليلة التي تليها كان الصوت في ازدياد ملحوظ، قررتُ متابعته، وقفتُ على طولي القصير، مشيتُ بخطواتٍ رقيقة، إن مصدر الصوت غرفة أبي، أمَلتُ بأذني على الباب، ألصقتها به، وإذا بي أهيل عليه فسقطتُ، والتوَت قدمي عندما انفرجَ الباب فجأة.

 

إن أبي يغطُّ في سُباتٍ عميق، ويخرج ذاك الصوت المزعج من فيهه أو ربما أنفه، تعجبتُ قليلًا، ولكن فكرتُ في حيلة، أحضرتُ إبرة للخياطة، وتسللت إلى جوار أبي حتى أخيط هذا الفم، وفي الصباح يفك ابي الخيط، الأمرُ بسيط. 

 

وعند أولِ وخزة، صفعني أبي صفعةً لا إرادية، فتكومتُ إثرها على الأرض، نزف أنفي الكثيرُ من الدم وقمت بجراحات عديدة بوخزات أشد ألم، عرفتُ الآن كم هو مؤلم وخز الإبر يا أبي، وها أنا يا أمي أسكت فالرجال لا يبكون.

 

#نهال_النجار