آخر الأخبار

مللتُ .. خاطرة لأكثم الحسين من سورية

لم أعد أحترم وجودي في المقعد الخلفي للسائق, سئمت العيون التي تطل على الطريق، مللت الريح التي تبعثر أوراقي كلما فتحت النافذة! سئمت تقدير المسافات وتوقع محطات الاستراحة! مللت الأرض التي ندور فيها على أنفسنا ونحن نخاف السماء! سئمت الأحاديث التي تظهر مدى الإنسانية الضائعة والسخرية المخفية بين الكلمات من كل ما نقول! سئمت الكراهية التي نصارعها بكلمات المحبة الخاوية! مللت اتهام الله لنا بأكل تفاحة من ممتلكاته تحت تأثير غواية حواء وضعف أدم أمامها! سئمت من المحاولات الكثيرة عبر التاريخ لإقناعنا الله أننا ندمنا فتدخل! كرهت قسوته ومللت انتظاري!

مللت النساء الخاضعات بشهوة للظلم، المتبرجات الثرثارات عن حقوقهن المطلوبة من العشاق فقط! مللت معرفة ثمن الرجال الداعين للحرية والثورة على المعتاد! ومللت مفاجئتي لمفاجئتي ببخس الثمن! مللت الأصدقاء المنهكين وراء أحلامهم البسيطة! مللت حسرتي لرؤيتي الواقع دون إطار فني جميل! مللت تصديقي لأي تهمة وكأنني المتهم المخلوق بسبق الإصرار! مللت محاولاتي في الحب على أنه كتاب يجب أن يُقرأ ويُفهم كاملا وإلا فأنا على قيد الجهل! مللت تسولي القلوب وكأنني الوحيد بلا قلب! 

مللت وجودي في المقعد الخلفي للسائق وأنا أنتظر محطة استراحة دون أن يقول لي أحد متى سأصل!