في عيد الأضحى

أعزائي القراء.. تحية طيبة أرسلها لكم عبر جريدة عرب كندا وكل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الأضحى المبارك. في الواقع هي أيام مختلفة في معالمها وجوانبها وأبعادها...ها قد جاء العيد ولم تنته الجائحة مما جعله عيدا مختلفا عن السنوات السابقة فلا سبيل للتزاور بسهوله وبلا قيود ، وأغلقت الكمامات وجوه المصلين وغابت الابتسامات خلفها وانحسر السلام بالكلام فلا أحضان ولا قبلات وتحولت الى إشارات بالهواء مع تباعد بالأجساد.. فتختلط المشاعر وتجيش في القلب ذكريات أعياد مضت قبل سنوات خاصة لمن هاجروا مؤخرا او من سنوات قليله فتطفو في الذاكرة صور مليئة بالمشاعر ابتداء من صلاة العيد بفرح وبلا قيود .. لبس الملابس الجديدة واصوات التكبيرات وصلاة العيد والاضاحي وتقطيع اللحوم وتوزيعها للأقارب والجيران، ثم الموائد الكبيرة المليئة باللحوم والصنوبر وتجمع العوائل والارحام من القرى والمدن في نفس البلد.. لوحات فنية مليئة بالروابط الفياضة  فتتأجج مشاعر النفس من الداخل ما بين ابتسامة ودمعة شوق تكاد ان تطفو وتفيض من مقلة العين .. ولاشعوريا تقفز الذاكرة الى أيام أعياد هنا كانت اقل اجتماعا للعائلة ولكنها غنية بالأحباب والاصحاب والأجواء الجميلة يحفها الحب والمشاعر المجردة كليا او جزئيا من الأقارب والارحام،  تبدا بالمساجد والصلوات والتكبيرات والملابس الجديدة الزاهية مختلفة الثقافات والاذواق.. وتمر بمزارع الاضاحي  ثم توزيع اللحوم على الأصدقاء والبحث عن مستحقين ..ويكون الجزء الكبير من الوقت في قاعات تجمع الجاليات التي يبذل فيها المنظمون الجهد الكبير ليضيفوا على العيد من البرامج والتسلية والتعارف مشكورين على جهودهم واشتراك الكثير من المتطوعين الراغبين في كسب الأجر أو يأخذهم حماس الإنجاز ورؤية الفرحة على وجوه العائلات بأفرادها كبارا وصغارا ..ناهيك عن الأسواق والبازارات التي تعج بالوان الثقافات من الملابس والتحف والنثريات وتفوح روائح الاطباق المتعددة الثقافات أيضا ما بين طعام وحلويات، كل ذلك داخل القاعات يوم العيد ..  ويتجمع الاصدقاء فيكون  تصنيف المجموعات المتشابهة الاعمار على شكل مجموعات صغيره تتبادل المستجدات والنكت والأحاديث فيكون يوما حافلا بالأحداث وينتهي بنوم عميق من أثر الاجهاد مليء بالصور والاصوات والمشاعر الجميلة.
والان مع هذا الوباء لا شك ان الجائحة حصرت الكثير من النشاطات وقيدت الكثير الكثير من بروتوكولات العيد المعتادة ابتداء من التسوق لشراء الملابس الجديدة ومرورا باجتماع الأصدقاء او الجيران المقربين في البيوت او على الموائد المعتادة في هذا اليوم او في لقاء الجاليات المفتوحة في القاعات المخصصة والمساجد.. تغيير جذري ليس بالسهل ولا البسيط ولذلك اقف هنا وقفة داخل الاسرة الواجدة الصغيرة التي تمر بالكثير من العقبات فتجد ان افراد الاسرة منقسمين ما بين منفتح على الخروج ولقاء الأصدقاء او استقبالهم سواء مع اخذ بعض إجراءات السلامة فلا مصافحة ولا أحضان او عكس ذلك، ومآبين منغلق لا يتقبل الزائرين ولا الخروج لزيارة احد سواء اكان من طبيعة هذا النوع انه استسهل الانفراد ولاءم الموضوع مزاجه أم خوفا من المرض من ان ينتقل اليه او ينقله الى احد ، خاصة اذا كان من النوع الذي يخاف من كل عرض يمر به فيظن انه مصدر للوباء او مستقبلا له فيقضي وقته في عد الأسبوعين تلو الأسبوعين في محاولة جاهده ان يثبت خلوه من المرض وهذه الأنماط قد نجدها في العائلة الواحدة مما يجعل هناك ضغوطات تنشأ داخل الاسرة ما بين الفئه الاجتماعية التي تشعر بالملل والحجر اكثر من الاخرين والفئه التي ترفض دخول أي عنصر غريب عن العائلة الى البيت خوفا من العدوى.
 والامر الآخر هو أنه إذا حضر أحد افراد العائلة المتواجد خارج البلدة ليجتمع مع اهله في العيد فإن الوضع يكون أكثر مرارة ما بين سماح للمشاعر والاحضان والقبلات خاصة إذا  كان الغائب ابنا او اخا او الوالدين أو أحد المقربين ، تحفظا وخوفا من كلا الطرفين على سلامة الطرف الاخر.. لا شك أن الوضع فيه من الصعوبة والالم ما يكفي ويفيض ولكن تبقى السلامة هدف الجميع .. فالنظر بإيجابية بأن الأمر مؤقت وستعود الأيام لطبيعتها بإذن ربنا وستبقى هذه الأوضاع والأيام ذكريات مختلفة ..نعمل جاهدين أن نسعد أنفسنا وعائلاتنا قدر المستطاع ..نستطيع الخروج من البيت كعائله  في رحله أو في مكان مفتوح مع الأصدقاء وتنظيم اللقاءات الموافقة للشروط الصحية وأن نحمد ربنا على سلامة العائلة وأفرادها مما يشعرنا بسعادة أكثر بنعمة الصحة.. وأخيرا الدعاء للمرضى بالشفاء  وبأن ينتهي هذا البلاء غير فاقدين ولا مفقودين..
ندعو للجميع بالسلامة والسعادة وصواب العمل والتفكير والبركة وكل عام وأنتم بخير..