تحقيق صحفـي: تأثيـــر كوفيد -19 علــــــى حيـــــاة الكنـــــــــــديين

تحقيق صحفي: سيما عبدالله

خلصت دراسة جديدة إلى أن العزلة الاجتماعية التي يتعرض لها الأطفال والشباب في مقتبل العمر بسبب الإغلاق المرتبط بفيروس كورونا ستبقى أثارها على نفسياتهم لفترة طويلة، كما أثرت جائحة كوفيد -91 تأثيراً عميقا على الحياة اليومية لجميع الكنديين، حيث ساهمت في تغيير الكثير من عادتنا اليومية وسلوكياتنا، ما الذي اختلف في حياتنا؟ وكيف تكيفنا مع التغيير؟ هل تعلمنا مهارات جديدة؟ للإجابة على ذلك قمنا بعمل استطلاع للآراء لعدد من الأسر والطلاب لنتعرف على مدى هذا التأثير...

 

تقول الدكتورة رائده سلامه، إخصائية التنمية البشرية والارشاد الأسري، ومؤسسة الأكاديمية الكندية RK للتنمية البشرية بهذا الصدد: "عندما نتكلم عن جائحة كورونا فإننا نتكلم عن آثارها على الأسرة من عدة محاور ... أثره على كل فرد من الأسرة... وعلى الأسرة ككل... وعلى علاقة الأسرة بالمجتمع الخارجي.
لا شك أن القلق بات يسيطر على أغلب الأسر والأشخاص وأن هناك خوف من الفيروس خاصةً في بداية الوباء لخطورته ولعدم توفر المعلومات الكافية في البداية... والآن نناقش حقيقة واقعة في معظم الأسر التي تحتوي على أطفال تمر في هذا الوقت العصيب.
وتضيف:" في الواقع هذا الوضع الجديد جعل الوالدين في حيرة من أمرهم ... كيف يتعاملون مع أولادهم وكيف يصلوا معهم إلى فهم واضح لطبيعة المرحلة الجديدة. هذا يقودنا لذكر نوعين من التصرفات ... إما العصبية والإجبار في توجيه الأبناء سواء في التعقيم وغسل الأيدي وعدم السماح لهم بالخروج أو في مجريات الحياة اليومية...أو النوع الآخر وهو توعية الأبناء عن خطر الجائحة إذا استهترنا بشروط السلامة على الحياة وهذا أيضاً يقودنا إلى نوعين من التوعية: اما بالتهويل وسماع الأسرة مجتمعة للأخبار وأرقام الوفيات والقصص ومشاركة الأطفال بكل ذلك طول الوقت وهذا ما قد يصيبهم بالقلق والخوف والاكتئاب، أو اتباع أساليب ودروس في توعية الأطفال بطريقة سهلة وسلسة نتكلم عنها بعد قليل .
وتقول السيدة أروى وهي تعمل كمدرسة في كندا: "منذ نهاية شهر مارس، بدأت أسمع عن وجود فيروس جديد من فصيلة الإنفلونزا وأنه قاتل وشعرت بالفضول لمعرفه المزيد عن هذا الفيروس، وما هو تأثيره على الإنسان، وكيف تنتقل العدوى؟ وكيفية الوقاية أولا ثم العلاج؟
وفي حقيقة الأمر لم تقصر الحكومة الكندية بتوفير هذه المعلومات لنا من عدة اتجاهات، إما في العمل أو الأماكن العامة أو مدارس أولادي. وقد بدأت تتغير عاداتي اليومية وعادات الأسرة بأكملها، من عدم الخروج وتوفير أجهزة الحاسوب استعداداً للتواصل من خلالها بكل الجهات، وتوفير المواد الغذائية والصحية على قدر الاحتياج تحسباً للطوارئ التي لم أكن أعلم قدرها. وكوني ربة البيت فاختلفت حياتي في إدارة البيت لوجود أفراد الأسرة طول الوقت في البيت، وبدأت أبحث عن طرق وحلول حتى لا أشعر ولا أفراد أسرتي بالملل أو النفور من تواجدنا في المنزل بشكلٍ دائم. بدأت أقترح على أفراد أسرتي بالقيام ببعض المهام المتعلقة في المنزل لعدم وجود الوقت لها، وأعدت ترتيب الأماكن المتاحة بالمنزل ليكون هناك متسع وتنوع لكل أفراد الأسرة فلا نشعر بالملل. وحقيقةً سعدت كثيراً بإتاحة هذه الفرصة التي أسهمت في تقرب أفراد الأسرة من بعضها وعمل الكثير من الأنشطة سوياً والحمدلله."
وتضيف السيدة اكرام المومني، ناشطة اجتماعية وتعمل في مجال الخدمات الاجتماعية في مدينة واترلو اونتاريو: "لقد تغيرت حياتي بشكلٍ كبير بسبب جائحة كورنا وبشكلٍ خاص من النواحي التالية، لم أعد أذهب إلى العمل وأصبحت أعمل من البيت مما وفر علي وقت الترحال إلى عملي تقريباً ساعتين من يومي مما جعلني استمتع باليوم أكثر وأمارس هوايات لم أمارسها منذ فترة. أصبحت أعتمد على وسائل التواصل من أجل علاقاتي الاجتماعية بدلاً من الزيارات. كما قلت رحلات التسوق الأسبوعية لشراء المستلزمات اليومية فأصبحنا نتسوق مرتين فقط في الشهر ونخفف من عدد مرات الذهاب للمحلات. كان التكيف مع التغير سهلاً جداً حيث أنني أملك وسائل التواصل بالإضافة إلى وجود حديقة في بيتي أقضي فيها بعض الوقت عند الملل.
كما تعلمت مهارات جديدة منها إعداد الخبز المنزلي، العناية بالحديقة والزراعة إضافةً لذلك تعلمت كيف أطلي، حيث قمنا بطلاء جزء من البيت بأنفسنا، وبالرغم من أن جائحة كورونا بعدت المسافات بين الناس إلا انني أرى أنها قربتنا أكثر من بعضنا البعض حيث أصبحت الناس تتواصل مع بعضها وتساعد وتعرض خدمات لبعضها لم تكن تعرضها قبل الجائحة.
أما السيدة منال صوالحه والتي تعمل كإخصائية تدريب وتطوير وظيفي في كيتشينير فقد تحدثت عن تجربتها قائلة: على الصعيد الشخصي، غيرت أزمة كورونا نظرتي للحياة واكتشفت أن الحياة أبسط مما كنا نتوقع، حيث يمكننا الاستغناء عن المولات والمطاعم والكثير من الأشياء المادية. وأن العائلة الصغيرة هي الملجأ والأمان بعد رب العالمين. اكتشفت أننا كنا بعيدين عن ولادنا. نقضي معظم اليوم في العمل وعندما نعود إلى المنزل في نهاية اليوم نكون مستهلكين وليست لدينا طاقة أو وقت لأولادنا. ولكن في فترة الحجر مع اقتربنا أكثر من أولادنا. حيث أصبحنا نلعب كل يوم مساءاً لعبة بطاقات المونوبولي أو نشاهد فيلم. اكتشفت أولادي من جديد واقتربنا من بعض أكثر وتعلمنا قيمة ونعمة كل شيء من لحظة استيقاظنا في الصباح وروتين الحياة التي كنا دائماً نتذمر منها. 
وأن العنصر المادي مهم للتوفير وفعلًا المثل الذي يقول "خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود". الحمدلله لم نتأثر مادياً لأني وزوجي لم نخسر عملنا ولم بتغير علينا أي شيء مادياً. وأعتقد أنه من الضروري أن نغير نمط حياتنا ونفكر بطريقه مختلفة وألا نعيش كل يوم بيومه، يجب علينا أن نحسب حساب أنه بأي لحظه يمكن أن تتغير حياتنا وتنقلب رأساً على عقب. 
وعلى الصعيد المهني تغيرت طبيعة عملي كلياً وقد تقبلت هذا التغيير وطورت مهارات جديدة بحكم عملي كمدربه حيث كان كل تدريبي للموظفين بالصف والآن أقوم به من المنزل وعن بعد. وأود أن أضيف علينا أن نتقبل التغيير الذي يمكن أن يطرأ على حياتنا بأي وقت وأن ننظر للجانب الإيجابي للتغيير. والأهم كان الجانب الروحي وأن اللجوء إلى الله في السراء والضراء سيمدهم بالطمأنينة. 
وتؤكد الدكتورة رائدة على دور الوالدين في هذه المرحلة حيث يتوجب عليهم قبل التعامل مع الأطفال محاولة الاتزان وضبط النفس والتوكل على الله وأخذ الاحتياطات واتباع خطوات السلامة والاجتهاد بالدعاء. وأن يكونوا على قناعة بأن التوتر الزائد يؤدي إلى إضعاف المناعة التي بحد ذاتها من أهم عوامل الوقاية أو تعدي مرحلة المرض بسلام، إذا الهدف أن نصل بالأسرة إلى نوع من الطمأنينة التي لها دور إيجابي في تقليل فرص الإصابة.
وتقول السيدة هبة، خبيرة في العناية بالبشرة من كامبريدج أونتاريو، سمعنا في البداية في الأخبار عن وجود الوباء في الصين وكنا نعتبر الأمر شيء طبيعي، وكنت مشغولة في عملي وليس لدي أي وقت لعائلتي، أو البيت، أو أي نشطات أخرى. وعندما أعلنت أونتاريو في شهر مارس حالة الطوارئ في المقاطعة انتاب الجميع خوفٌ شديد. بالنسبة لي لم اشعر بأي شيء، توجهت إلى عملي في اليوم التالي وهناك شعرت بالخوف، حين بدأ عدد كثير من الزبائن بإلغاء مواعيدهم، وبدأت أشعر بالتوتر وخاصةً أنني أضطر لأن أكون قريبه جداً من وجه الزبائن. ولم أعد للعمل بعد ذلك اليوم. اتصلت بزوجي وابني وابنتي وطلبت منهم شراء الطعام أو أي مستلزمات أخرى لأنني لم أخزن أي شيء على الاطلاق. ذهبت الي المحل بنفسي وهناك انتابني الخوف من نظرات الناس والرفوف الفارغة والثلاجات الفارغة، والجميع يملأ عرباتهم من جميع أنواع الطعام وقمت بفعل ما هم يفعلون. شعرت بانهيار شديد وحيره لم اتصور أبداً أنني سوف أعيش بخوف وعدم معرفه ما سيحصل. 
وحين بدأ الجميع بالحظر وعدم مغادرة المنازل، لبضعه أيام لم أفعل شيئاً ولا حتى تحضير طعام شعرت بالتعب الشديد لم أعرف إذا كان السبب العمل الكثير من قبل أو التوتر والخوف. 
وتضيف السيدة هبة، لدي أربعة أولاد، اثنين في الجامعة ولم يكن لديهم أي وقت لأي شيء وولد في الصف العاشر وبنت في الصف السادس، وقد بدأنا خلال جلوسنا جميعاً في البيت بالدراسة عن بعد وأصبح لدينا الوقت للعب الألعاب المسلية مع بعضنا البعض وطبخ جميع أنواع المأكولات ومتابعة برامج ومسلسلات. 
ويقول الطالب إبراهيم، طالب في السنة الثالثة تخصص علوم بيئية في جامعة جويلف: "خلال هذه الفترة من العزلة الذاتية والحجر الصحي، تعلمت الكثير عن نفسي وعن عائلتي وعن العالم. خلال شهري مارس وإبريل، أكملت 5 مقررات دراسية من المنزل. كان من الصعب في البداية الحفاظ على جدول زمني منتظم، لكنني ثابرت قدر المستطاع. وعندما انتهى العام الدراسي، زاد الإبداع لدي حيث قمت بصنع المعكرونة من الصفر، وجربت وصفات جديدة وبدأت أتطوع في الجامعة عن بعد. احتفلت أيضاً بعيد ميلادي في مكالمة زووم جماعية مع بعض أصدقائي. أعتبر نفسي عضو مسؤول في المجتمع وشعرت وما زلت أشعر أنه من الضروري ممارسة التباعد الاجتماعي. ومع ذلك، فقد حققنا أقصى استفادة من اليوم دون الحاجة إلى الذهاب إلى أي مكان أو رؤية أي شخص.
لقد كان هذا الحجر الصحي عبئاً على الكثيرين، لكنني أحاول دائماً النظر إلى الإيجابيات. يمكنني رؤية أخواتي وأخي بطريقة مختلفة. كما أصبح لدي المزيد من الوقت لقراءة الكتب الجديدة وبشكلٍ عام، أود أن أٌقدر جميع النعم التي لدينا. أنا متحمس للمستقبل القريب وآمل أن تعود الحياة إلى طبيعتها قريباً.
وتقول السيدة فادية حجازي، ربة منزل من واترلو: "عندما بدأت جائحة كورونا بالانتشار والتفشي في دول العالم قررت الحكومة الكندية إغلاق الكثير من المؤسسات ومن ضمنها المدارس... نعم المدارس التي يقضي فيها أطفالنا وقتاً طويلاً يتعلمون ويلعبون مع أصدقائهم... دون أن يعودوا بواجب واحد إلى البيت... وأنا كأم لثلاثة أطفال بِتُّ في حيرةٍ من أمري، كيف سأقضي فترة ربما تكون طويلة أو قصيرة مع ثلاثة أطفال في المنزل دون أن يكون هناك أي نشاط خارجي، فقط انا وزوجي وثلاثة أطفال في بيت بابه سيبقى مغلقا لأجلٍ غير مسمى. مر الأسبوع الأول وأنا أحاول ان أواسي نفسي وأشجعها وأقويها وأفكر فيما بعد الكورونا هل سنكون من الفائزين أو الخاسرين... هل سنكون من الذين حققوا أهدافهم أم من الذين مر بهم قطار الوقت دون أن يركبوه... فقررت أن نكون من الفائزين ومن الذين يضعون أهدافاً ويحققوها -خاصة وأنني كنت أتمنى من قبل ذلك أن يكون لدي وقت لأعلم أبنائي أموراً أكثر في دينهم ومهارات أكثر، وأن أقضي فترةً جميلة مع أطفالي فهذه الأيام ستدخل صندوق ذكرياتهم ... الحمدلله في هذه الفترة تقربت أكثر منهم وقويت العلاقة العائلية بيننا، تعلمنا تنظيم الوقت، أصبحنا نبحث عن مهاراتٍ جديدة نتعلمها، أو حتى لغات جديدة، تأقلمنا مع الظروف بسرعة، خفّ التوتر كثيراً من حياتنا.. نعيش يوماً بيوم دون أن أتمنى أن ينتهي ويأتي وقت النوم... أحمد الله الذي ألهمني وأعانني وأبعد عني اليأس... فنفسية الأم تنعكس على أفراد عائلتها فمنها يستمدون القوة أو الضعف."
أما الطالب هاشم المومني، في السنة الرابعة تخصص هندسة نانوتكنولجي في جامعة واترلو عبر عن رأيه قائلاً إن التغيير الرئيسي في حياتي منذ بدء هذه الجائحة هو التغيير في النشاط الروتيني والبدني. ويضيف، لقد كنت أعتمد على صالة الألعاب الرياضية لأظل نشيطًا، لكنني الآن أجد صعوبة في الحفاظ على التحفيز والتمرين. لقد أعطاني هذا أيضاً المزيد من الوقت للتركيز على المشاريع الفنية الأخرى، مثل تعلم الغيتار، ومشاهدة المزيد من الأفلام لإعطاء رأيي بها على البودكاست الخاص بي. أي شيء أردت تعلمه، تعلمته عبر الإنترنت، بشكلٍ رئيسي على اليوتيوب وتطبيقات أخرى، لكني محظوظ لوجود زملاء معي في الغرفة يحبون الموسيقى أيضًا."
وتضيف الدكتورة رائدة: "إن وجود عدو خفي وهو هذا الفيروس، والذي يزيد الأمر توتراً متابعة الأخبار وأرقام الوفيات بالإضافة إلى التوتر من خلال التعقيم الشخصي والأغراض وغسل اليدين كل هذه الظروف مجتمعة في بداية الوباء زادت العصبي عصبيه والمتوتر توترا والخائف خوفاً... وأصبح البيت مغلق على كثير من المشاعر والأفكار والتصادمات... وأصبح الآباء يرون الأخطاء من أبنائهم وكأنهم يرونهم لأول مرة فيريدون تقويم كل شيء بعشوائية دون التفكير بالطريقة فتزيد الفجوات والمشاكل ويزيد الاشتعال... إضافة إلى تساؤل الأطفال والأبناء ما الذي يحدث؟
وتضيف السيدة هديل يونس، مترجمة فورية ومترجمة مرخصة من واترلو: "بالتأكيد، لقد ساهمت جائحة كورونا بتغيير حياتنا اليومية وقد تبدو لك هذه التغيرات للوهلة الأولى تغيرات سلبية ولكن بعد إمعان النظر بها تجد أن أغلبها في الواقع إيجابية. فبعد ما قضيت الشهر الأول من التباعد الاجتماعي وأنا أندب حظي ‏لأني أعيش في هذا الزمن ولا أعرف ما يخبئ المستقبل لي ولطفلتي ‏قررت فجأة أن أجلس جلسة مصارحة مع نفسي لأُعيد حساباتي باحثة عن كل إيجابيات هذه الـ "الحبسة" أي الحجز القصري كما نسميه بالعامية.
‏أول هذه الإيجابيات كانت أنني بدأت العمل من المنزل كترجمة فورية ومترجمة مرخصة واكتشفت أني بذلك أساعد على المحافظة على البيئة وفي الوقت نفسه أُوفر الوقت والجهد، ثانياً: وجدت أنه في بقائي في المنزل وفي عزلة تامة أُبعد عني الكثير من الأمراض المعدية الأخرى غير الكورونا التي نصاب بها عادة من مخالطة الناس مثل الرشح وغيره. ثالثاً: لقد اغتنمت الفرصة للتقرب من الله والعبادة والتفرغ لقيام الليل وقراءة القرآن خاصة أن رمضان جاء خلال فترة التباعد الاجتماعي. ‏رابعاً وجدت وقت كافي لممارسة هوايات أحبها لم يكن الوقت يسمح لي بممارستها في كندا بسبب تسارع الروتين اليومي كما ونفذت العديد من الأنشطة مع ابنتي التي كانت على لائحة الأعمال التي أريد انجازها مند عدة سنوات.
‏وخلال فترة عيد الفطر أحسست أن معنى العيد قد تجسد بوضوح بحيث تم التركيز على العلاقات الانسانية والعادات والتقاليد القديمة التي نشتاق لها دائماً، في هذا العام لم أصنع كعك العيد بنفسي لأن صديقاتي العزيزات قد جئن إلى منزلي ووضعن بعض الحلوى على باب المنزل." 


ويقول السيد محمود العيد، خريج علوم سياسية من أوتاوا: "نعم ربما تغيرت بعض عاداتنا وسلوكياتنا، ولكن ليس للأفضل، فقد كرست التباعد والتفرقة، وجعلت الإنسان ينظر للإنسان الآخر على أنه مصدر خطر، ناهيك عن تحول الكثير من الناس من العمل في مكان مخصص للعمل إلى العمل من البيت، وهو الشيء الذي ألغى الخط الفاصل بين الراحة المنزلية والجدية المطلوبة في الوسط العملي. ولكن انا متفائل بالأيام القادمة لأن جميع الناس تواقة للعودة للوضع الطبيعي، ونسيان هذه الجائحة. وأكبر دليل هو استمرار خروج واختلاط الناس ببعضهم حتى بعد الحجر، ولو كان بنسبةٍ أقل، ولكن هذا يعطيك رؤيا بأن الأغلبية ينظرون إلى هذه الإجراءات على أنها شيء طارئ، وليست نظام حياة.
وتقول الدكتورة رائدة سلامه: "يجب أن يكون حوارنا مع أنفسنا ومن حولنا إيجابيا... جلوسنا في البيت ليس بالسهل ولكنه فرصه للتواصل بين أفراد العائلة... فلابد أن نستغل الفرصة المؤلمة في عمومها بأن تكون أملاً في إحداث التغيير والتقرب بين الزوج والزوجة بحب ومودة ... دعوا أولادكم يشعرون بالحب بينكم وفي علاقتكم كوالدين لأن ذلك يزيد الطمأنينة والأمان في قلوبهم الصغيرة وتقربوا منهم من خلال بناء استراتيجيات جديده لأسرة جميلة يتحقق فيها النجاح في عبور الأزمات.
أما السيدة هدى أمين، ربة منزل من أوتاوا فتعلق قائلة: "غياب شديد للاهتمام بنفسية الأمهات خاصة الأمهات العازبات، اللواتي يحملن على عاتقهن أعباء الأسرة داخل وخارج البيت، اهمال هذا الأمر قد يؤثر سلباً في الأسرة بأكملها، يجب التنفيس عن الأم، والتفكير بصحتها النفسية، والجسدية، هي العطاء وهي الملهم، وهي المربية، فيجدر بالحكومة الالتفات لهذه النقطة، التي ربما لا يرون أهميتها لكن تأثيرها عميق في بناء جيل بأكمله."
وتقول السيدة نسرين محمد، معلمة وأم لثلاثة أطفال من أوتاوا فتقول: "أصبحت دراستي وعملي وعمل زوجي ودراسة أطفالي من المنزل، في البداية كان التأقلم صعب جداً لنقص عدد الأجهزة مقارنة مع عدد أفراد الأسرة.
وقد اختلفت فترات التسوق من مرة أسبوعيا إلى مرة كل أسبوعين لتقليل نسبة التعرض للبيئة الخارجية. عملية تعقيم المشتريات بالمعقمات الطبية وغسل الخضار والفواكه وتعقيمها يتطلب منا الكثير من الوقت. ولم نعد نستخدم السيارة مما وفر من ميزانية الوقود وبالطبع أفضل للبيئة.
كما قمنا بشراء أجهزة تكفي عدد أفراد الأسرة لتسهيل العمل والدراسة بشكلٍ مثال، وللترفيه عن الأولاد وعن أنفسنا ازدادت فترات الرياضة العائلية من مشي وركوب الدراجة الهوائية ضمن قواعد السلامة والمسافات الآمنة. وكذلك قمنا بشراء ألعاب ترفيهية تناسب جميع أفراد العائلة مثل: مونوبولي، شطرنج.
بالنسبة لي كأم ومعلمة، تعلمت مهارات عديدة لاستخدام برامج التكنولوجيا لجوجل (كتشكيل موقع إلكتروني خاص بفصلي، عقد اجتماعات افتراضية وغيرها. وبالنسبة للأولاد، قمنا بتنظيم برنامج يومي وأسبوعي لتوزيع مهام تنظيف المنزل من الداخل والخارج مما أكسبهم العديد من المهارات.
وتذكر الدكتورة رائدة بعض النقاط التي قد تفيد الوالدين في تعاملهم مع أطفالهم وأبنائهم في هذه المرحلة الخاصة: 
أولاً: مخاطبة الأبناء كلٌ حسب عمره بحوار يناسب المستوى الإدراكي والذهني والعاطفي مع الأخذ بالاعتبار أن نتقبلهم ونتقبل حيرتهم وخوفهم حتى نصل بهم إلى حالة الاطمئنان النفسي.
ثانيا: نُبسط فكرة التعقيم المستمر والخوف من المرض بأن نربط هذا المرض بمرض انفلونزا أو برد أصاب أحد أفراد الأسرة وتألم وأننا لا نريد أن يتكرر الألم أو ننقل عدوى لأحد فإذا ربط المرض بشعور الألم تلقائياً سوف يأخذ الاحتياطات اللازمة.
ثالثاً: نربط النظافة والتعقيم بقتل الفيروسات ومن الممكن تقريب الفكرة لديهم بمشاهدة بعض افلام الكرتون التوعوية التي تصور الجراثيم والفيروسات وكيف يتخلص منها الاطفال بغسل الايدي والتعقيم.
رابعاً: الوعي نقطة مهمة لجميع الأفراد وهنا ممكن مخاطبة المراهقين والأطفال حسب النمط الشخصي لكل منهم مما يوفر الكثير من المجهود للوصول للهدف المنشود من التوعية والطمأنينة وأيضاً التوجيه.
خامساً: إذا لاحظت أن أحد أفراد الأسرة منطوي أو خائف أو مكتئب، لا تنكد عليه وتأمره أمراً بأن (لا تفكر هذا ... لا تحزن...) ولكن اسمعه وشجعه على التعبير عن حزنه او مشاعره وقل له (انا أحس معك) (أخبرني كيف اساعدك). 
سادساً: استغلال فرصة وجودهم بالبيت والترقب منهم من خلال تنمية مهارات لديهم مثل عمل بعض الحلويات، زرع النباتات، رسم لوحات، ألعاب الفوازير أو الأرقام، رواية وتمثيل القصص كل هذا يعمل على ترابط افراد الاسرة وزيادة ثقة الابناء بأنفسهم.