لم تكن لي رغبةٌ أن أستقلَّ الحافلةَ رغم حبي لتلك الرحلاتِ القصيرةِ التي تتيحها لي في طريقي إلى العملِ أو الجامعةِ أو أي مهمةٍ أخرى.. ولم يكن يوماً لسيارتي أيضاً لأنني أردت أن أُمَتِّعَ جسدي بالحركةِ التي كاد أن ينساها في الآونةِ الأخيرة ..
دراجتي التي كانت تشتاقُ مثلي لأن تلامسَ الطريقَ ، كانتِ الخيارَ الأمثل.. و رؤيتي عليها لطالما كانت تستهويكَ..
هي مثلُكَ ، تهفو إليَّ ، تراقبُ حركاتي ...
أركنُها خارجَ " الكافيه " ..تنظرُ إليّ ...تراقبُنا من الشباكِ .. نحتسي قهوةً ، نطلبُها ( سادة ) ...ننساها لأنَّ أصوات ضحكاتِنا تعلو على نداءِ الكفايين ..
نضحك ، نتحدثُ .. و نضحك .. أسألُكَ وأنا أرفع عينَيَّ إلى الشاشةِ المُعلَّقةِ على الحائطِ ، و ينشغل فكري بدراجتي : ماذا قال "حمدان"؟
" حمدان؟" .. تجيبُ أنتَ بتساؤلٍ ، وتلتفتُ إلى الوراءِ ، فترى مذيعَ الأرصادِ الجوية ، و تبدأُ نوبةً جديدةً من الضحك..
رحمكَ اللهُ يا "حمدان" ، قدكنتَ جزءاً من أيامٍ بعيدةٍ تركناها في أرضٍ حبيبة... كنّا نظن أنك وحدك لا تعرفُ قراءةَ الغيومِ ، واكتشفنا أن أغلبَ مُعِدِّي هذه التقاريرِ أُمِّيُّو التنبؤِ ، وأننا ، نحن ، مثلُهم ، ما كنا نقرأُ جيداً ما وراءَ عصفِ الهموم..
أعاودُ عليكَ السؤالَ الذي لا يكتملُ بلا ضحكاتِ القلبِ : هل يتبدلُ الطقسُ بعد قليلٍ ؟
تجيبني ، وبرقٌ يلمعُ ضاحكاً في عينيك : أنظري إلى دراجتِكِ . أوَما تعلمينَ أنه كلما ضَحِكْتِ تمطرُ السماءُ بنفسجاً و ياسمينَ ؟!
***شاعرة سورية مقيمة في كندا***