حزمة الطوارئ في مواجهة إنتشار جائحة كورونا

في ظل هذه الحالة غير المسبوقة التي تمر بها دول العالم أجمع نتيجة تحدي إنتشار جائحة كورونا لابد بداية من تعريف مفهوم حالة الطوارئ حتى يتسنى للقارئي الكريم التفاعل مع هذا المفهوم ضمن ضوابطه وما يترتب عليه من إتخاذ حزم تدابير تسمى حزم الطوارئ .

حيث أن حزم الطوارئ باتت هي الحديث الأهم لوسائل الإعلام  الكندية ، ولمواطني كندا بشكل عام وبالطبع لأبناء الجاليات العربية والإسلامية بشكل خاص والذين تضررت أعمالهم نتيجة ما ترتب على هذه الحالة الطارئة، حيث ولدت لديهم الكثير من الأسئلة،  خاصة تلك التي تخص أولئك الذين يمتلكون الشركات الصغيرة.

ومفهوم الطوارئ هو عبارة عن حزمة تدابير وإجراءات تتخذها سلطات دولة على المستوى الوطني، أو في جزء معين من الحوزة الترابية للدولة، بهدف ضبط الأمن والحفاظ على النظام العام إثر وقوع أحداث استثنائية.

وحالتنا اليوم تندرج تحت بند الطوارئ لمواجهة وباء صحي غير مسبوق يهدد حياة الإنسان ويحتاج إلى تكاتف جميع المكونات المجتمعية والسياسية والمؤسساتية،  كلٌ،  لأخذ دوره المنوط به حتى يعبر الجميع إلى بر الأمان بأقل الخسائر الممكنة إنسانياً ومهنياً بالرغم من التضحية المطلوبة من الجميع بلا إستثناء حتى يستطيع الجميع  البقاء في حالة الصمود أمام التحديات التي تفرضها مسببات هذه الحالة الطارئة.

هنا لابد من الإشارة إلى أنه في هذه الحالة غير المسبوقة قامت الحكومة الكندية بالعمل بأقصى طاقتها منذ بدايتها ، وذلك من أجل التأكد من ضمان تقديم افضل الخدمات للمواطن الكندي وإستمرار تدفق متطلبات الحياة بحدها الأدنى في ظل التخوفات وحالة الرعب النفسي التي فرضتها إنتشار جائحة فيروس كورنا، وذلك من خلال إقرار حزمة من المساعدات الطارئة لكل شرائح المجتمع الكندي بلا إستثناء وحسب الدراسات الإقتصادية والبيانات المجتمعية والتشريعات التي قدمتها الحكومة الكندية وأقرها  كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ وذلك من أجل مساندة المواطن الكندي أمام هذا التحدي الكبير.

لكن هذا لا يغفل أن هناك تحديات أخرى  خلقت تساؤلات لدى الكثير من شرائح المجتمع الذين باتوا قلقين من جراء الإجراءت غير المسبوقة التي إتخذتها الحكومة خاصة أصحاب الشركات الصغيرة الذين يتساءلون عن التعويضات التي سيحصلون عليها نتيجة هذه الإجراءات التي تمس جوهر أعمالهم وتلحق بهم خسائر فادحة ، خاصة فيما يتعلق بالإيجارات ودفع الفواتير المتراكمة .

 أيضاً ، يتساءل بعضهم بمرارة قائلاً،  أفهم أن هذا الوباء تسبب في مشكلة كبيرة مع جميع الأنظمة ، ليس فقط في كندا ، ولكن في جميع أنحاء العالم.

نعم لقد خلقت COVID-19 علامة في التاريخ الكندي، وتركت تأثيرًا كبيرًا على مواطنيها أيضًا، ومع ذلك ، وعلى الرغم من وعد الحكومة الكندية بمساعدة الشركات الصغيرة في هذه الأزمة ، إلا أنه للأسف تم وضع قيود من قبل البنوك والمؤسسات المقرضة مما يزيد أزمتنا ويعمقها لا أن يساعد في إيجاد حلول لها.

حيث أن  بعض الإجراءات المنوي تطبيقها لا يدعم ما وعدت به حكومتنا، وفيما يلي بعض القيود القليلة المدرجة أدناه على سبيل المثال والتي لا تعطي أمل بأن هناك تسهيلات حقيقية وواقعية وسريعة تضمن لاصحاب الشركات من هذه الشريحة الصمود والعودة للإستمرار بأعمالهم بعد زوال مسببات هذا التحدي الكبير الذي فرضته إنتشار جائحة كورونا :

حيث سيقدم المقرضون المساعدة فقط للشركات الصغيرة التي تم فتحها لمدة عامين أو أكثر، مما يخلق حالة من التوتر لأصحاب المهن الذين بدأوا مسيرتهم المهنية  للتو والتي بالكاد يستطيعون تغطية متطلبات الحياة وتكاليف إستمرار فتح مثل هذه الشركات،  بخلاف الشركات التي فتحت لأكثر من عامين ،  والتي عادة ما تكون مستقرة أكثر ولا تتطلب الكثير من الدعم المالي ، على عكس تلك التي بدأت للتو في زرع بذورها في مجال الأعمال حسب تعبيرهم.

 أيضاً تتطلب البنوك الأصول والضمانات النقدية التي يجب على المالك سدادها وهذا أمر طبيعي في الحالات العادية ، ولكن أمام تحديات الوباء الحالي حيث قدمت الحكومة الضمان ، هذا أمر لن يكون صحيحًا أو عاملاً مساعداً في ضمان عدم إنهيار هذه الشركات كما يرون.

 والطبيعي إن كان صاحب العمل لديه الأصول والأموال ، فهناك شك بأن هذه الفئة ستحتاج إلى الكثير من المساعدة حسب وجهة نظرهم.

هذه الأسئلة وغيرها الكثير بدأت تتوالى وتدور في عقول أصحاب الشركات الصغيرة وتحتاج بالفعل لإجابات أو العمل سوياً من أجل إيجاد السبل الكفيلة بعدم إنهيار هذه الشركات أمام هذه التعقيدات التي تضعها البنوك والتي ستؤثر بلا شك على إستقرار أصحاب هذه الشركات ومن ثم على أدائهم في ظل هذه إنتشار هذا الوباء،  ولربما على حياتهم الإجتماعية، ولذلك في تقديري أنه من المفيد أخذها بعين الإعتبار لدى اصحاب القرار والجهات المختصة.

من جانب آخر ، إشتكى بعض أصحاب البقالة الصغيرة، وذلك من وكلاء توزيع السلع الغذائية ، بقولهم بأنهم باتوا يمارسون سياسة المطالبة بالدفع المقدم لشراء البضائع التي يضعونها في محلاتهم لبيعها للمواطنين، مما خلق حالة من الضغوطات على هؤلاء قد تصعب عليهم الإستمرار بتوفير حاجيات السكان الأساسية خاصة من المواد الغذائية اللازمة.

هذا يدعو للإستغراب بلا شك، ولذلك لابد من التريث وأخذ الأمور أكثر جدية والتفكير بها بشمولية وبعدم الإستعجال بالأسئلة المثيرة للتشاؤم والإحباط، وذلك في إطار ضرورة الإلتزام بتحمل المسؤولية الفردية وبالتوجيهات الرسمية للحكومة أولاً ومن قِبل الجميع ، وعدم الدخول في متاهات التشويش والإرتجال في التفسير، حيث أن حزمة الطوارئ التي تم إقرارها لا زالت في طور إعداد آليات التنفيذ في التاريخ المحدد لها حتى تصل لكل شرائح المجتمع المختلفة ضمن الآليات المعتمدة لدى جهات الإختصاص.

وبخصوص حالات الإبتزاز التي يتم ممارستها من البعض ، في تقديري أن هذا الوقت هو للتكافل الإجتماعي والدعم والمساندة من الجميع للجميع حتى يتمكن هؤلاء جميعاً من أخذ دورهم بالشكل الصحيح في توفير السلع الغذائية من ناحية ومن ناحية أخرى الإستمرار في سوق العمل وضمان بقائهم.

أخيراً ، لا شك بأن المشهد الذي نراه يومياً من المبادرات الإنسانية والتكافلية المختلفة،  والإجرات المتخذة والجهود الكبيرة الرامية لإستقرارنا وبث روح الأمل فينا، يؤكد لنا بلا شك على أن كندا بخير وأن الكنديين لا زالوا بخير وأن الحكومة والمؤسسات الكندية تعمل ليل نهار من أجل بقاء كندا قوية حتى يبقى الشعب الكندي بكل شرائحه قوي وبخير ، خاصة فيما يتعلق بالصمود أمام هذا التحدي غير المسبوق، وستبقى كندا بخير طالما أننا بخير وهي لنا ونحن لها وبأروحنا نفديها بغض النظر عن حجم التحديات التي تواجهها وتواجهنا ، وفي ظل توفير حزمة الطوارئ في مواجهة إنتشار جائحة فيروس كورونا.