في مطارات بلادي ، أنا لست غريباً بل أنا في وطني!!

أعرف بأن هناك تفاعلات كبيرة بالرأي حول ما يُسمى بصفقة القرن والكثير من القراء الكرام يتوقعون بأن أكتب عنها في هذا العدد ، ولكنني كالعادة أجد أنه من المفيد أن أكتب هنا فيما يخص أبناء جاليتنا العربية الكريمة في كندا، ويرتقي بثقافتهم بعيداً عن المؤثرات والأحداث الخارجية حتى لو كان بعضها غير عادل ويؤلمنا ويشغل تفكيرنا ويتصادم مع تطلعاتنا وأحلامنا.
 ولكن لفت نظري في الأونة الأخيرة أن البعض يشتكون من أن رجال الأمن في المطارات يستدعونهم للاستفسار، وهذا يجعلهم يتذمرون ، ونظراً لأن تعامل رجال الأمن معهم يتم باحترام ورقي، يتقبلون الأمر ويقتنعوا بأن هناك ضروريات أمنية تتطلب تفهمهم وتقبلهم. 
ويظن البعض من أبناء جاليتنا العربية الكريمة بأن الأمر يستهدفهم دون سواهم، لذلك وجدت أن الأمر يستحق أن نكتب حوله لتوضيح بعض الأمور المتعلقة بعملية السفر والتحديات التي تواجه المسافر، حيث أن هناك قواعد لابد أن تُحترم ، ومتطلبات أمنية لابد أن تُؤخذ بعين الإعتبار وهذه الأمور جميعها تنطبق على الجميع في بلدنا العظيم كندا بدون إستثناء وبغض النظر عن الأصل والدين والشكل.
لذلك أجد أنه لابد من الحديث هنا عن بعض التصرفات الخاطئة التي كثيرا ما تحدث أثناء السفر  من وإلى كندا في المطارات بالتحديد، وهو التعامل مع الأمن بطريقة غير مسؤولة، فالبعض يتجاوز ضروريات الأمن والسلامة ولا يتعاونون مع رجال الأمن رغم أن مهمتهم الأساسية في المطارات هي تأمين المكان وتوفير أقصى درجات السلامة لكل المسافرين كانوا مغادرين أم قادمين.    
وكون أن عدد المسافرين من وإلى كندا هو عدد كبير جداً في العادة وجهات الوصول متعددة ومختلفة الظروف والتحديات، لابد من أن يكون هناك ضوابط كبيرة جداً في مثل هذه الأماكن، وبالمقابل تعاون غير محدود من قبل المواطنين الذين ينتمون حقاً لبلدهم ، وبالتالي يتوجب عليهم إحترام مثل هذه الآليات التي تصب في صالح أمنهم وسلامتهم وأمن وسلامة بلدهم الذي يحبونه ومن المفترض أنهم ينتمون إليه.
هنا لابد من الإشارة ايضاً بأنه توجد بعض السلوكيات المستفزة التي تتسبب أحيانًا في عرقلة الحركة بسبب المزاح المبالغ فيه، أو النظرات المريبة من المسافرين لرجال الأمن مما يثير شكوكهم أو الدخول في مشادات كلامية معهم، مما يتسبب في تضييع وقت الآخرين، أو كما حصل مؤخراً اثناء الرحلة المتوجهة من تورنتو الى جامايكا عندما قام احد الركاب بمزحة غير قانونية أدت الى اثارة الذعر بين الركاب وعودة الطائرة الى المطار بعد اقلاعها ومن ثم تولت الشرطة التحقيق وتحويل ذلك المسافر الى القضاء.
   لذلك لابد من الحرص الشديد على أن يتعامل المسافرين مع رجال الأمن باحترام ورقي، وأن يتعاونوا معهم من أجل توفير الجهد والوقت حتى تتم الإجراءات بسهولة ويسر ويتمتع المسافر برحلته دون منغصات لا داعي لها.
كما أنه من المفيد أن ندرك جميعاُ أن رجال الأمن في المطارات يعملون وفقًا لقواعد وقوانين تعمل على توفير أقصى درجات الراحة للمسافرين، وهدفها بلا شك هو المحافظة على سلامتنا ومساعدتنا داخل المطارات، وبالتالي أي كسر لهذه القواعد سيدفع بالمسافر إلى المسائلة الحتمية لأنه فرد من آلاف أخرين يحتاجون الإهتمام والمساعدة والشعور بالراحة، لذلك على المسافرين معرفة القوانين والقواعد الأمنية التي تحدد المسموح به والممنوعات، هذا بلا شك سيقلل من ما يظنونه إستفزازاُ او استهدافاً لهم من رجال الأمن لاصولهم أو دينهم ، وبالتالي يتم تجاوز الإجراءات التي قد تعرقل وتعطل الأخرين بدون داعٍ.
كما أنني أود التأكيد على أن رجال الأمن في المطارات وفي الحدود بشكل عام لا يستهدفون بالمطلق جالية أو أي فرد بسبب دينه أو ثقافته وهذا يتوجب فهمه جيداً وعدم إتاحة الفرصة لهذا الهاجس أن يستوطن قلوبنا وعقولنا لأنه لا أساس له من الصحة بالمطلق، وإنما هم يمثلون النموذج الأكثر جدارة بالاحترام مقارنة مع نماذج أخرى في العديد من دول العالم، والشواهد كثيرة على ذلك طالما أن المسافر يحترم الواجبات المطلوبة منه والتقيد بقواعد ومتطلبات السفر من مصداقية وشفافية ووضوح وعدم التورط بجلب مواد مخالفة للقانون أو محاولة تهريب بعض المواد الممنوعة أو حتى وضع الشخص نفسه في موقف الشبهات أو حمل حقيبة ليست حقيبته.
أخيراً، أجد أن الالتزام بالقوانين في السفر سيختصر علينا الوقت والجهد والمواجهة والفكر السلبي، وسيعطي للموظفين الإداريين والأمنيين في المعابر الحدودية الوقت لإنجاز مهامهم وتسهيل أمور المسافرين على أحسن ما يُرام حتى يصبح السفر متعة، لذلك واجب علينا أن نتعاون بصدق ومحبة مع هؤلاء الموظفين في اطار ما هو متاح أو مسموح به، وهم الذين يحرصون على تطبيق معايير الأمن والسلامة من أجلنا وبأقصى درجاتها وهذا الأمر يجب أن يحظى بكل الإحترام والتفهم والتقدير . فلنكن النموذج المشرف الذي ينتمي لكل مؤسسات البلد ويحرص عليها قولاً وفعلاً وتعاوناً وبالتالي يتضاعف الإيمان بداخل كل إنسان منا بأن حريتنا هي نابعة من إنتمائنا وإيمان كل فرد منا بأن يكون هو المسافر الذي يشعر بأنه في مطارات بلاده وبأنه ليس غريب بل هو في وطنه وهو الأكثر حرصاً عليه بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى وما تتطلبه من سلوك راقٍ يعكس هوية وثقافة كل فرد من أبناء جاليتنا!.