آخر الأخبار

المركز المصرى للدراسات الاقتصادية يستضيف مدير شركة سيورياك للاستشارات في أوتاوا

وكالات : عقد المركز المصرى للدراسات الاقتصادية،  محاضرة متميزة بعنوان: "على أعتاب التغيير: التجارة والتنمية في عصر المعلومات"، لمناقشة التطورات العالمية في مجال التحول الرقمى والمعلومات وتأثيراته على كافة مجالات الاقتصاد والتنمية، حاضر فيها البروفيسور دان سيورياك مدير شركة سيورياك للاستشارات (بمدينة أوتاوا بكندا). اليوم الاثنين

وشرح البروفيسور دان سيورياك مدير شركة سيورياك للاستشارات (بمدينة أوتاوا بكندا)، مراحل التطور العالمى الذى بدأ باعتبار أن ملكية الأرض هي مفتاح الثراء والسلطة والتحكم، ثم تطور الأمر إلى عصر الماكينات التي أصبحت الأصول الأساسية والأكثر تعبيرا عن الثراء والقوة، ومع التحول الصناعى ارتبطت الوفورات التي تحققها الدول بزيادة الصادرات وبدأ الاستعمار الاقتصادى الذى يعتمد على توسيع الأسواق الخارجية، ومع انتهاء العصر الاستعمارى الاقتصادى تغيرت التوجهات الاقتصادية بأوروبا التي أصبحت تتوجه نحو عصر الإيجار، وتغير شكل الاقتصاد العالمى وأصبحت الكفاءة أقل من حجم الاقتصادات.

وتابع أن الاقتصادات التي تلت عصر الاقتصاد الصناعى كانت تتجه نحو الاستثمار الضخم في المعرفة بداية من عام 1980 عندما أدركت الولايات المتحدة أن الملكية الفكرية هي الحل.

وقال ان التحول بدأ من التصنيع التقليدي إلى الملكية الفكرية وبدأ استحداث نصوص في الاتفاقيات التجارية لها علاقة بالملكية الفكرية، ومن هنا بدأت منظمة التجارة العالمية تركز على الملكية الفكرية وحمايتها بدلا من التركيز على الأصول القديمة كالأراضى والماكينات، وأصبح هذا الاتجاه الجديد يشكل العلاقات بين المجتمعات، وحديثا تحول الأمر لعصر جديد لرؤوس الأموال والاقتصادات وهى البيانات والمعلومات التي تشكل أهم عناصر النظام العالمى الجديد، فالشركات التي تملك المعلومات يمكنها رصد المستقبل بشكل أفضل وتحقيق الأرباح، لأنها الآن سر النجاح

واشار إلى أن الشركات الضخمة مثل جوجل وفيسبوك وأمازون والتي تتراوح قيمها السوقية بين 200 -400 مليار دولار لديها ملكية فكرية وبراءات اختراع ولكن الأهم من كل هذا هي قيمة البيانات التي تملكها هذه الشركات، وهو ما جعل شركات ضخمة تسيطر على الأسواق العالمية.

وأشار سيورياك إلى أن مشكلة النظام الاقتصادى العالمى القائم على المعلومات والذكاء الاصطناعى تتمثل في أنه يعمل في إدارة اقتصادية قائمة على قواعد الماضى، بما يعنى ان هناك فجوة بين الإدارة الاقتصادية من المنظمات العالمية، وبين طبيعة الأنشطة في النظام الجديد مما يتسبب في العديد من المشكلات.

وبين أن المحرك الأساسى لموضوع المعلومات والابتكار هو الشركات ومن هنا يجب دعمها بشكل كبير، وهذا لا ينفى أن يكون للدول استثمارات في البنية التحتية لتمكن الشركات من العمل، وهنا لا يهم حجم أو ملكية الشركة إن كانت قطاع خاص أو عام ولكن الأهم هو قدرتها على تحقيق الهدف ودورها الابتكارى في الاقتصاد، لافتا إلى أن التنافس بين الشركات اليوم أصبح مبنيا على الاستحواذ على حقوق الملكية الفكرية والإسراع بالابتكار، وهذا هو سلاح الصين في تعاملاتها، وهو ما سيترجم في ظاهرة "رأسمال الآلة المعلوماتية"، حيث ستختفى الكثير من الوظائف "البيضاء" نتيجة التكنولوجيا وهو ما سيؤثر سلبا على العديد من الدول.

وأشار الخبير إلى أن السرعة التى يتميز بها الابتكار في عصر المعلومات يمكنها إحداث الفرق بين الاقتصادات المختلفة بين ليلة وضحاها من خلال استخدام الذكاء الاصطناعى وضخ المزيد من الاستثمارات في هذا المجال وهو ما تفعله الصين بقوة جعلها محتكرة، لافتا إلى أن الدول التي تستثمر في هذا المجال استثمارات كبيرة محدودة، كما أن الأمر صعب بالنسبة للدول النامية.

ودعا سيورياك لمراجعة القواعد العالمية وطريقة عمل منظمة التجارة العالمية ليدخل في إطار أعمالها ما يؤثر على تبادل المعلومات والأنشطة التجارية المبنية عليها وكذلك التطورات التكنولوجية، مطالبا بزيادة الاستثمارات الضخمة في مجال المعلومات والبيانات لأنه مفتاح التطور وهو ما يمكن من كسر احتكار الصين.
ووجه سيورياك نصيحة إلى مصر بأن تفكر في الشركات الضخمة والتكنولوجيا الحديثة لأن هذا ما سيحدث التطور الذى نراه في الصين، لأن العالم يتغير بطريقة تتطلب الكثير من الاستثمارات والإجراءات، وقال: "مصر تستطيع أن تنتج سلعا وبضائع تجعلها تعيش ولكن لن تجعلها بلدا غنية.. إذا كنا نريد الاستثمار في هذا القرن علينا التفكير فيما يجعلنا أغنياء وليس ما يجعلنا نعيش، والابتكار أحد العناصر التي تجعلنا أغنياء".

وتابع الخبير حديثه عن مصر قائلا، أنه إذا لم يكن لدينا شركات تتبنى التكنولوجيا لن يكون لدينا ابتكارات، داعيا مصر لجذب استثمارات في هذا المجال وهذا يأتي من خلال طريقتين: الأولى جذب استثمارات أجنبية مباشرة لشركات في مجال التكنولوجيا من خلال حوافز جاذبة وهو الطريق الأصعب، أو الطريق الأسهل وهو الشراء من خلال شراء الشركات العاملة في هذا المجال والاستحواذ عليها، على أن يكون لدينا سياسة عامة تدير هذه المنظومة في إطار القناعة بأن التكنولوجيا هي التي تجذب الاستثمارات والأموال.

وعقب الدكتور حسن الحيوان أستاذ إدارة الأعمال بكلية التجارة جامعة عين شمس بقوله، إننا نعيش في عصر يقاس فيه ثراء البلدان بحجم البيانات المجمعة وليس النفط والغاز كما كان سابقا، وهو ما يتطلب وجود وحدة مركزية تحكمية لدى الاقتصاد وظيفتها جمع البيانات وتوزيعها على القطاعات الاقتصادية المختلفة لتنظيم السوق، حتى يتم الاستغلال الأمثل للموارد، لأن جمع البيانات وتصنيفها وتحليلها ليس بالأمر السهل.

من جانبه قال طارق توفيق نائب رئيس اتحاد الصناعات ونائب رئيس المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، إن هناك الكثير من الأسئلة التي لا نجد أجوبة عنها تتعلق بكيفية جمع وإدارة البيانات والمعلومات من خلال الشركات؟ وكيف سيتم التعامل مع هذا الأمر في الدول الديكتاتورية؟ وما موقف مصر من هذه التحولات العالمية؟ مشيرا إلى أننا لا نتحدث عن المعلومات والبيانات من هذا المنظور وعند مناقشة قوانين المعلومات في مجلس النواب تكون وجهة النظر الأمنية فقط هي المسيطرة؟ وتساءل عن نوع التعليم الذى نحتاجه في المستقبل في النظام الجديد وهل سيكون قاصرا على الطبقات الغنية فقط؟

وأوضحت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، إن الرسالة الأساسية من هذه المحاضرة تؤكد أن الشركات والاستثمار في التكنولوجيا هي الموارد الرئيسية وهو ما يتطلب ضرورة التركيز على القطاع الخاص، لافتة إلى أن المنظومة الحالية معقدة جدا ويضاف لهذه التعقيدات تحديين يتمثلان في صعوبة الحصول على ضرائب من الأنشطة الاقتصادية القائمة على التكنولوجيا وتحديدا في مجال الخدمات، لأن الضرائب تفترض وجود كيانات مادية للشركات، في الوقت الذى تتحول فيه التجارة إلى الرقمنة ويتحقق التعامل فيها حالات تهرب ضريبى قانونى، أما التحدى الثانى فيتمثل في الأمن السيبرانى الذى يعد أساسيا في التعامل مع البيانات، حيث تقدر الخسائر العالمية المتوقعة جراء سرقة البيانات بنحو 6 تريليون دولار عام 2021، وهو ما يعد أكبر تحول للثروة في العالم من مجتمع الأعمال القانونى إلى مجتمع غير قانونى.

وتساءلت عبد اللطيف قدرة منظمة التجارة العالمية من خلال شكلها المؤسسى الحالي على تحقيق التغييرات المطلوبة لكيفية التعامل مع هذا النظام الجديد، وما الذى يمكن أن تفعله دولة مثل مصر تتقدم تارة وتتأخر تارة في اللحاق بهذا التطور.