ما بين الرغبة بصناعة الأمل وسلوك الشيطان حكاية حياة

من الأقوال التي خلدها التاريخ هي كلمات ديل كارنجي التي قال فيها "عندما تعطيك الحياة سبباً لتيأس، أعطها ألف سبب للاستمرار، لا شئ أقوى من إرادة الإنسان على هذه الأرض" ..وهذه هي رسالتنا لأعداء النجاح في هذا العدد الهام من صحيفة عرب كندا التي دخلت عامها الرابع بخطى ثابتة وواثقة منذ تأسيسها بالرغم من كل التحديات التي واجهتها والتي كان أكثرها قسوة هو التشكيك في مصداقية الأهداف التي قامت من أجلها الصحيفة. 

تعودت أن لا أكتب في سياقات صادمة أو حتى غاضبة ، بل كنت على الدوام حريصاً على أن يكون قلمي بمثابة إشعاع ضوء وسط الظلام ، ومسيرة بناء وحياة، وكانت وستظل رسالتي هي من أجل صناعة الأمل لمن يفترسهم اليأس في المهجر في ظل تكاثر المٌحبطين والمتطفلين على نجاحات الأخرين، هؤلاء الذين يعملون ليل نهار على القفز على خصوصيات وأحلام الأخرين وهدم آمالهم وضرب ثقتهم بنفسهم من خلال التقليل من شأن ما يحققونه من نجاحات، يهدرون طاقاتهم في محاولة هدم ما يبنيه الأخرين، إما بدافع فردي وضيع أو نتيجة لسلوك همجي مشبوه ومبرمج وربما مدفوع الثمن، والهدف هو نشر حالة من اليأس والإحباط وفقدان الثقة بالنفس لدى الناجحين، الوقوف أمام هؤلاء الشياطين هو التحدي الحقيقي والضريبة التي يدفعها المكافحين من أجل الاستمرار والنجاح.

لذلك أرى أن صاحب القلم الحر هو صاحب موقف، لا يهاب هذيان أمثال هؤلاء المٌحبطين ولا تنطلي عليه ألاعيبهم، وتصبح رسالته هي كشفهم وتعرية أفعالهم غير السوية حتى لا تؤثر على الأخرين، هذا الدور الحقيقي للإعلام الواعي الملتزم الذي يوضح الرؤى ويكشف الحقائق للناس كما هي بدون أي مزاديات أو تزوير.

نعم ، صاحب القلم الحر لديه مبدأ وأخلاق مهنية تجعله يترفع عن التصرف بهمجية كالحمقى الذين يطلقون العنان لألسنتهم البذيئة متى شعروا بأن الأمور لم تتواكب مع مصالحهم ومخططاتهم دون ضوابط إنسانية أو سلوكية أو اجتماعية ، فيشهرون بهذا وذاك ويهددون هنا وهناك بلا أخلاق أو ضمير ودون مراعاة لأسس العلاقات الإنسانية بين البشر.

لذلك صاحب القلم الحر  لا يمكن أن يكون أداة رخيصة أو جامداً مثل ذاك الجاهل الذي يحبس نفسه في سياق فكرة مشبوهة، تتقاذفها ألسنة الساقطين لخدمة أجندة مأجورة أو لتغطية فضائحه ومخالفاته القانونية وفكره الملوث وأوهامه الخبيثة، وبدلاً من أن يتعلم من مدرسة الحياة بأن هناك فيها فسحة من التسامح والأمل وضرورة الإعتذار عند الخطأ، وضرورة تقاسم هموم الحياة في رحلة الكفاح في مواجهة تحديات الإغتراب، يصبح  عوضاً عن ذلك بتصرفاته الحمقاء معولاً لهدم كل نجاح، ويستبيح كرامة هذا وذاك من الشرفاء والمكافحين والأوفياء لوطنهم في الإغتراب كما لوطنهم الأم ، وذلك من خلال محاولة المساس المجنون بسمعتهم وبث الفتن فيما بينهم حتىيحقق مآربه الشيطانية وكأنه هو الوصي الأمين على أمانهم وأمنهم وسلامتهم .

رسالتي إلى هؤلاء المنفلتين، هي أن يتعقلوا وأن يخرجوا من دوامة الفشل المتلاحق وفقدان الثقة المجتمعية والمصداقية بهم ، وعليهم أن يعرفوا بأن هذه السلوكيات المضطربة غير السوية لن توصلهم إلى أيشيئ ، كما عليهم أن يعرفوا بأن هذه السلوكيات غير مقبولة لدى الأخرين، لأنهم بشر وليسوا أصناماً بلا مشاعر ولا كرامة خاصة وأننا تحت مظلة العدل في بلد العدالة والحريات وحقوق الإنسان.

لذلك آمل أن يدرك هؤلاء الذين لا زالوا متمسكين بسلوكياتهم العفنةالموروثة، بأن الحكمة أفضل بكثير من المكابرة والإستمرار باللعب في المنطقة السوداء لصناعة الفتن وتفريق الناس عن بعضها البعض، ظناً منهم بأنهم غير مكشوفين أو أنهم خارج دائرة المحاسبة وفوق القانون بحماية موهومة في بلد عظيم تمثل مفخرة لكل إنسان حر لأنها تمثل رمز القانون والعدالة الإنسانية محلياً ودولياً!.

كما نود القول للذين يحاولون إبتزازنا أو ترهيبنا لتطويعنا من خلال سرد حكايات وطنية مشوشة وكاذبة وبطولات وهمية لا وجود لها من الأساس، عليهم مراجعة أنفسهم والنظر إلى الحقيقة بعمق وواقعية،لأن الأوطان تحتاج إلى رجال عقلاء ويتمتعون بأخلاق عالية لكي يكونوا حقاً سفراء لها، لا أبطال من ورق يمارسون سلوكيات متخلفة وغير سوية، ناجمة عن نقص نفسي يدفعهم عاطفياً بجنون وبلا تفكير ولا قيود، لعمل كل ما هو خسيس من خلال ممارسات النصب والإحتيال بهدف تجيير هوية وثقافة مجتمع بأكمله لصالح ثلة من الأفراد لا يفكرون إلا بمصالحهم ومكتسباتهم الفردية، لإثبات الذات على حساب الأخرين وكرامتهم ومكانتهم، بعيداً عن الشفافية والمصداقية والقبول بمبدأ المحاسبة .

أخيراً ، لابد من التأكيد على أن صحيفة عرب كندا إنطلقت من رحم المعاناة ، لا فضل لأحد عليها سوى مظلة البلد العظيم الذي إنطلقت منه وفيه، ووصلت إلى ما هي فيه اليوم بتضحيات كثيرة وجهد غير عادي، بدأت كفكرة، ثم كافحنا بعرقنا وجهدنا وعلى حساب راحة أسرنا لجعلها حقيقة،  واليوم يمكننا القول بأننا اليوم استطعنا أن نجعلها عنواناً متميزاً ومعروفاً بين الناطقين بالعربية، وحرصنا كل الحرص على أن ننقل لجاليتنا الكريمة الأحداث بمصداقية، وأن نشارك الناجحين في المجتمع تجاربهم من خلال التعريف بهم وبأعمالهم وتسليط الضوء عليهم.

كما أننا كنا نريد لصحيفة عرب كندا أن تصل لكل الناطقين بالعربية وبفضل الجهود الصادقة والأمينة والاستراتيجية الصحيحة التي رسمناها والجهد الكبير الذي بذلناه، استطعنا أن نجعلها تتواجد في أماكن كثيرة بالعاصمة الكندية الجميلة أوتاوا، ولم يعيقنا أحد من أعداء النجاح الذين تربصوا بها منذ عددها الأول ، وبالنسبة لنا كان قرار المضي بها هو قرارنا وبالإستثمار بوقتنا وبجهدنا فخضنا هذه التجربة منذ متسلحين بإيماننا وبقدراتنا وبثقتنا في بلدنا الذي نعيش فيه، وهو الذي منحنا مساحة للعمل باجتهاد وحرية وإبداع، ومستذكرين على الدوام الكلمات التي قالها مارثن لوثر كينج وهي " أن بعض الأشخاص سينبذونك، لأن نورك أشد سطوعاً مما يتحملون، هكذا هي الدنيا فلتواصل إشعاعك".. ومن هنا نعد شركائنا في المجتمع بأن صحيفة عرب كندا والقائمين عليها سيواصلون مسيرتهاوالعمل على تطويرها وبذل المزيد من الجهد والعطاء لاستمرارإشعاعها في مسيرتها الأمينة والمخلصة لكي تحمل المزيد من رسائل الحب والأمل، والدعوة للإندماج في بلد عظيم احتضنا بحب فأحببناه وله منا الانتماء والولاء على الدوام.

بقلم رئيس التحرير 

م. زهير الشاعر