نقابة العاملين جامعة الأزهر .. إلى الأمام

 

سجلت نقابة العاملين في جامعة الأزهر براءة إنتصار من النوع الثقيل في العمل النقابي الحقيقي بعد زمن طويل من غياب أو ندرة النقلات النوعية في مؤسسة كانت على شفير الهاوية في الإحتواء والتدخلات الخارجية وتراكم الأزمات وخاصة المالية منها التي أصبحت مزمنة نتيجة لسببين جوهريين الأول منها إيجابي بحاجة لعملية ضبط وشفافية وهو منفعة مجتمعية هامة تتجلى في الإعفاءات والمطلوب ترشيدها وعدالتها بمعنى تخليصها من فئويتها أو شلليتها لاصبح متساوية بين جميع العاملين والطلاب وليس المقصود منع أو وقف الإعفاءاتلأنها الجامعة الوطنية الأم بامتياز، والسبب الثاني الجوهري هو سلبي وهو أيضا بحاجة لعملية ضبط وشفافية وإلتزام بالنظام والقانون وهو عنصر مدمر. يسوء الإدارة ويفسدها ويحجب عدالة التعيين فيها.

نقابة العاملين بوقفتها الجادة الأخيرة وضعت الجميع تحت الضوء وكشفت للجمهور والسياسيين والأكاديميين خللا قاتلا مزمنا درجت عليه قيادة حركة فتح ورئيسها ولجنتها المركزية والمتنفذين فيها وسلوكهم الجهوي والموالي عميانيا أيا كان موقف المركز حتى لوكان ضاراوبفتح كما ثبت في كثير من الإن محكات الأخيرة.

إن غياب مقياس الكفاءة وميزان العدالة في إختيار القائمين على جامعة الأزهر تركها تتراجع لسنوات حتى حدث الصدام الإيجابي الثوري بين لجنة العاملين وطواقم الإدارة وخاصة المتنفذين منهم، وبهذا رسخت نقابة العاملين مبدأ "لا" لتجاوز القانون و"لا" للهيمنة الجهوية و"لا" لتنصيب الموالين في غياب. مزمن لدور المعارضة أو الإعتراض أو التصدي لتجاوز قوانين الجامعة وتعود فريق الرئيس عباس في كتم الأصوات الداعية لتحرير الجامعة والعاملين فيها من تسلط السلطة المركزية الفتحاوية ممثلة بالرئيس ولجنته المركزية وزبانيتهم.

نقابة العاملين في جامعة الأزهر تجاوزت بنجاحها الأخير كل أزمات الأجسام السياسية والثقافية والمجتمعية ودخلت في لب وعمق العمل النقابي الطليعي الحقيقي لهؤلاء الرواد والمناضلين الطلائعيين التقدميين الذين مثلوا موجة متقدمة في العمل النقابي وهم يستحقون هذا اللقب ، هؤلاء المناضلين الحقيقيين جاد بهم الزمن ليثبتوا بسلوكهم ونضالهم حتمية لزوم وجود النقابي المدافع عن حق ناخبيه والقائد السياسي الشعبي في ممانه الطبيعي الذي تحتاجه الجماهير في المؤسسة الصفراء التي يشوبها الفساد والدكتاتورة والظلم كما قال لينين وعلماء الإجتماع والسياسة.

اليوم يشكل رئيس النقابة د. أيمن شاهين ورفاقه وتياره الإصلاحي محطة مضيئة على طريق العمل النقابي الثوري الذي تم إجهاضه منذ زمن وفي كل المؤسسات الجمعية والمجتمعية والحزبية في بلادنا، فكان التدهور العام في حركة المجتمع وتفاعلاته وكذلك الخراب الكبير في الخارطة السياسية الفلسطينية التي رضخ فيها الثوار والنقابيين الخونة لمصالح ذاتية أو حزبية ضيقة الأفق وعطلوا الحالة الثورية التي يحتاجها شعبنا وقضيتنا وتآمروا مع الديكتاتورية والظلامية والجهلة والفاسدين بحجة صعوبة التغيير فها هو التيار الإصلاحي وشبيبته وعبر نقابة العاملين الشبيبة في جامعة الأزهر يصبحوا طلائع التغيير في وطن بات مفعم بالظلم والفساد والقمع في كل المجالات.

نقابة العاملين في جامعة الأزهر تعيد الروح والمعنى لماهية العمل النقابي الذي في أساسه عمل سياسي مائة في المئة ومن ذا الذي أشاع بين الناس أن يبتعدوا بعملهم النقابي عن العمل السياسي، فمن هؤلاء المعينين في مجلس الأمناء لجامعة الأزهر، أليسوا ممثلين عن الأحزاب السياسية وعن العائلات وعن التجمعات الجهوية والمناطقية وأصحاب المصالح المتبادلة والفاسدين في مؤسساتهم والذين لم يخلق الله إلا هم يدورون من مؤسسة إلى أخرى لتخريبها كما يريد الرئيس وكما خرب المجالس التمثيلية الفلسطينية بذات المنهج والطريقة، وماذا فعل هؤلاء الأمناء للجامعة غير الضعف وتمرير الظلم؟ فهل استجلبوا الأموال والأدوات والأجهزة للجامعة وهل جلبوا المباني والمختبرات أم أُتيّ بهم ممن يوالوهم ويتبعوهم ليتمكنوا من السيطرة عليهم في المواقف وغالبيتهم العظمى لا يستطيعون قول لا وغالبيتهم منبطحين كما ظهر في الحدث الأخير، أليس من إختارهم هو الرئيس وحزبه وحاشيته السياسية؟ ولو لم يكن إختيارهم سياسي فلن تجد غالبيتهم في مجلس الأمناء، أليس من ثدخلوا في عملهم وتوجهاتهم كما سماهم د. أبراش رئيس مجلس الأمناء "بجماعات الرئيس"، أي السياسيين.

إنها السياسة فلماذا يعيبون على نقابة العاملين بأنهم لون سياسي وما المشكلة فغالبية الوزراء والزعماء والقادة السياسيين في العالم كانوا نقابيين سابقا..

ملاحظة مطولة:

للعلم "كل عمل" لغير الفرد الواحد أي لمجموع إثنين أو. ما يزيد عن إثنين وكذلك الفريق أو أي جماعة من الناس هو سياسة، حتي الصحة التي تتعلق بمجموعة من الناس كالصحة العامة والصحة المدرسية وصحة الأسرة هو سياسة، كل عمل تشارك فيه الناس فاعلا أو مفعولا بها كجماعة وليس كفرد هو سياسة فالفاكسينات كالأمصال واللقاحات هي سياسة، ولعب الرياضة الفردية كالتنس والملاكمة والمصارعة وأي لعبة أو عمل فردي هو ليس سياسة، أما عندما يتشارك أكثر من فرد فذلك يصبح سياسة، فاللعبة الجماعية ككرة القدم هي سياسة، والتاجر لوحده ليس سياسة وعندما يصبح له شريك تصبح سياسة، وهكذا ولكن لماذا؟
لأن العمل لأكثر من فرد هو مسؤولية مشتركة له نظام وحقوق وواجبات يلتزم ويلزم المشتركين لنظام بسيط أو معقد لكن له ضوابطه لأن فيه مصالح وحقوق مشتركة، فأنت لست وحدك حر ضمن الجماعة التي تعمل معها أو تتعرض لعوامل تؤثر عليها، والفرد حين يجلس أو ينتظم أو يسافر أو يتعلم أو حتى يقضي حاجته في وجود جماعة كما في السجن فهو تحت نظام تلتزم فيه الجماعة وتلتزم أنت لنظام تلك الجماعة من الناس وهذا يصبح سياسة، وما الذي يحدث في العمل النقابي؟ أليس هم جماعة منتخبة من الناس تقوم على حماية الجماعة الأكبر من الطلاب والعاملين والحفاظ على حقوقهم ومن حقهم بل من واجبهم مواجهة الأخطاء والتجاوزات والفساد والظلم الذي يتعرض له الطلاب والعاملين، ولمن تبجحوا بإغلاق الجامعة نقول هي خطوة تحدث في كل بقاع الدنيا في كل زمان ومكان خاصة عندما يشتد الظلم ويصبح الظالم متغطرسا ولا يستجيب لمطالب النقابة الممثلة لمن إنتخبوهم، وسيحدث التغيير بالفعل الثوري وستعود نتائجه إيجابا على المظلومين آنيا والمهمشين سنوات وسنوات على قاعدة التبعية للمتنفذين، فطوبى لنقابة العاملين في جامعة الأزهر التي سطرت تاريخا جديدا ناصعا هزم الظالم والمتغطرس والفاسدين وإلى الأمام لمحطات وانتصارات جديدة لشعبنا.