القضية الفلسطينية أمام منعطف خطير فلسطينياً وعربيا ودولياً!!

 

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

مع استمرار الإدارة الأمريكية الداعمة للاحتلال واليمين الإسرائيلي المتطرف في حياكة مخططها الذي يستهدف شعبنا الفلسطيني وقضيته وحقوقه، فأرسلت طاقمها الخاص بما يسمى صفقة القرن بقيلدة جاريد كوشنير، في جولة جديدة تشمل عددا من العواصم في المنطقة، وبعد ان كشف السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، نوايا هذا الطاقم بإعلانة ان الخطة الأميرية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا تتحدث عن حل الدولتين وان ما ستقترحه هو حكم ذاتي للفلسطينيين مشروطا بعدم تهديد أمن إسرائيل، وإعلانه قبل ذلك ان "من حق إسرائيل ضم أجزاء من الأراضي المحتلة، فإنه لم يعد خافيا على أحد من أبناء شعبنا الفلسطيني ، حتى الأطفال منهم، بان قضيتنا الفلسطينية تقف أمام منعطف خطير، وهو ما يلقي علينا جميعا مسؤوليات جسام وسط كل هذه التراكمات والمنعطفات التي كنا نعرفها ولكن لم ندرك خطورتها الا الآن.

كل ذلك يأتي تتويجا للمواقف العدائية التي اعلنها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب بنقل سفارة ألولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس واعترافه بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، وقطع المساعدات عن وكالة الأونروا والتشكيك في أعداد اللاجئين الفلسطينيين، وقطع المساعدات عن السلطة الوطنية وحتى عن مستشفيات القدس العربية، وإعطائه الضوء الأخضر للحكومة الإسرائيلية المترفة لبناء المزيد من المستوطنات ثم اعترافه بضم إسرائيل للجولان المحتل، الخ من المواقف التي تكشف سوء نوايا هذه الإدارة الأميركية، مما يؤكد إننا بتنا أمام تحديات لم يسبق لها مثيل من حيث خطورتها على القضية، مع تسريع أقطاب هذا المخطط التآمري من خطواتهم في التنكر للشعب الفلسطيني وحصار سلطته الوطنية.

كل هذا يعيدنا الى تاريخ الحركة الصهيونية المجرمة، التي قادت العالم منذ القرن الماضي الى الهاوية، ونجحت في اكبر دول العالم قوة ، ليتأكد أنها هي نفسها التي تعمل ألان بجد على تقويض استقلال الدول العربية التي

ظنت أنها انتهت من الاستعمار الغربي، البريطاني والفرنسي، كما تعمل على تصفية القضية الفلسطينية.

لقد كرست الحركة الصهيونية كل جهودها وطاقاتها وبمختلف الأساليب تمكنت من إقناع الغرب بأن التعويض الذي يمكن تقديمه ليهود العالم جراء المحرقة النازية، يجب ان يكون على حساب شعبنا مستخدمة ايضا أسأطير توراتية ليس لها أي أساس من الصحة في التاريخ أو الجغرافيا. فهل فعلا فصل الله سبحانه وتعالى خارطة فلسطين على مقاس الصهيونية وفق مقولة أرض الميعاد المزعومة؟ أم أن الصهيونية سرقت وزيفت تاريخ أنبياء جميع الأديان ، مثل سيدنا إبراهيم عليه السلام وأولاده وأحفاده لتزعم أن سيدنا إبراهيم يهودي،علما أن سيدنا إبراهيم عاش قبل سيدنا موسى عليه السلام بـ٧٢٢ عاما. كما ادعاءهم بان سيدنا إبراهيم هو وأولاده وأحفاده مثل يعقوب و دَاوُدَ وسليمان ويوسف، عليهم السلام يهود، هو الكذب بعينه لأنهم جميعا كانوا موحدين وليسوا يهوداً ولا مسلمين ولا مسيحين.

هذه أكاذيب الصهيونية التي يتبناها اليمين الإسرائيلي اليوم وإلى جانبه الثلاثي كوشنير وغرينبلات وفريدمان وزعيمهم ترامب ومن السخف طرح مثل هذه الأساطير لانها أساطير لا تمت أبدا الى الدين اليهودي الحقيقي بل أتانا بها الاشكناز من شمال ألمانيا، واسمها بلاد الاشكناز، وهم من أصل آري وليس سامي ، ومن ثم اعتنقوا اليهودية للهروب من الحروب البيزنطية بين الشرق والغرب.

وما زاد في قوتهم ان أكثرهم هرب وهاجر الى امريكا، وشكلوا قوة مالية لا يستهان بها حتى تحكموا بالسياسة الأمريكية الى يومنا هذا.

كان الزعيم الأميركي بنيامين فرانكلين قد حذر من قوة اليهود الاشكناز ومن انهم سيتحكمون بسياسة البلاد اذا لم يوقف الشعب الأمريكي نفوذهم. وهذا ما هو حاصل الان ، وكي تكتمل الصورة ويصبحوا قوة لا يستهان بها ، فقد وضعوا جميع قواهم المالية والسياسية في الانتخابات الأميركية منذ عهد ترومان الى يومنا هذا معتمدين بالأكثر على النفوذ المالي. كما اعتمدوا على الإنجيليين الصهاينة ، الذين يعتقدون بعودة المسيح بعد بناء الهيكل المزعوم.

وقد جعلت منهم الحرب العالمية الأولى قوة وعصبا ماليا لا يستهان بهما ، خصوصا في التأثير على مجريات السياسة البريطانية.

واليوم تخدع الصهيونية العالم اجمع بعد أن استولت على كامل فلسطين التاريخية وبعد ان تحالفت مع الغرب الاستعماري وخاصة الولايات المتحدة الأميركية، رغم إدانة العالم اجمع لهذا الاحتلال الذي لا بد سيزول بعزيمة وإرادة ونضال شعبنا الصابر المناضل شعبها.

صحيح أن الدعم العربي لفلسطين وشعبها كان يجب أن يكون قويا، ولكن مع الأسف ، يعيش العرب في صراعات إقليمية فرضت عليهم ، وعالم تحكمه دولة واحدة محكومة من اللوبي الصهيوني في واشنطن.

وبتنا نرى أن إسرائيل أصبحت تحتل وتضرب أي بلد عربي أو إقليمي بدون أي رادع، وسط بيانات تنديد ووعيد لا تسمن ولا تغني من جوع.

واليوم ونحن نرى ما تقوم به إسرائيل من غارات وضربات لسوريا لا بد وان يخطر ببالنا أن روسيا، التي التقى رئيسها فلاديمير بوتين مع رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو عدة مرات، تسمح لإسرائيل بالاعتداء على أي مكان في سوريا، مع أن روسيا زودت سوريا بمنظومات دفاعية من الممكن ان تردع إسرائيل التي تتصرف بكل حرية ، كما تتطاول على العراق دون أي رادع لها.

كما ان الخوف هو من أطماع إسرائيل التي لا زالت أعينها على جنوب لبنان ولغاية نهر الليطاني، كما أنها وبدعم أمريكي تسعى للسيطرة على مناطق لدول إقليمية يوجد الغاز والبترول في مياهها أو مقابل شواطئها مما يجعلها دولة مصدرة للنفط والغاز.

هذا هو الاحتلال الإسرائيلي البشع المرتكز الى أهداف ومباديء الحركة الصهيونية وهذه هي الإدارة الأميركية ورئيسها الصهيوني الداعم للاحتلال الإسرائيلي بشكل مطلق الذي أهدى القدس والجولان الى الاحتلال وكأنهما ملك لأميركا، ولا ندري ماذا سيحدث غدا بعد الجولان.

لذلك وإذا ما بقى الوضع الإقليمي على حاله اليوم ، فهذا يعني إننا سنبقى تحت سيطرة وهيمنة اسرائيل التي تسارع للأسف بعض الأطراف العربية والإفريقية لتطبيع العلاقات معها، بإجراء اتصالات سياسية وإقامة ،علاقات اقتصادية وربما أمنية وعسكرية بدعم قوي من الإدارة الأميركية الصهيونية.

كل هذا يحصل مع كل تداعياته السلبية على القضية الفلسطينية التي يفترض أنها أيضا القضية الأولى للأمة العربية، ونحن مع الأسف نكرس الاحتلال ببقائنا منقسمين بين غزة والضفة، لان هذا الانفصال دمر قضيتنا المقدسة، و خدم إسرائيل التي تؤيد بشدة هذا الانفصال وتجد فيه ملاذا أو هدية مجانية قدمها الفلسطينيون لاحتلالها. كما ان الخلافات العربية وعدم الالتزام بمقررات القمم العربية فيما يخص القضية الفلسطينية يخدم هذا الاحتلال الذي بات يزعم ان من الممكن إقامة علاقات طبيعية مع العرب دون حل القضية الفلسطينية.

لا ندري اذا كان زعماء غزة يعتقدون بأن سياستهم الانفصالية نابعة من تفكير وطني أم هم بحكم ارتباطات مع أطراف إقليمية لها مصلحة في جعل غزة دويلة لها حدودها وسفاراتها واقتصادها، في حالة تهدئة أو هدوء أو صلح مع إسرائيل، مع ترسيم الحدود البرية والمائية لتصبح غزة دولة معترف بها أمريكيا ً وإسرائيليا في الأمم المتحدة.

مع الأسف الشواهد تدل على هذا التوجة الخبيث، مقابل سلطة فلسطينية في رام الله أقل من دولة واكثر من احتلال. وهذه هي نظرية نتنياهو التي وافق عليها ترامب وكوشنر وفريقة الذي يعمل بجد على هذا المخطط.

بالأمس وادي الحمص وكل يوم قتل وهدم واعتقالات واعتداء إسرائيلي - استعماري على المزارعين والمدنيين عموما، وأصبحت جميع الاراضي محتلة فعليا وأي حديث عن مناطق ألف وباء وجيم اصبح من الماضي البعيد ، ولم يعد يجدي، خصوصا في هذا الوضع العربي والعالمي السيء، فحتى الدول التي تؤيدنا لم تعترف بنا خوفاً من أميركا وإسرائيل.

وبالنسبة للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وفي مقدمتها المسجد الأقصى فهي تتعرض لأخطر انتهاكات ولا بد ان المخطط الإسرائيلي للأقصى شبيه بما ارتكبته إسرائيل في الحرم الإبراهيمي، لان السفير الأميركي ديفيد فريدمان يعمل مع اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يسعى لبناء "هيكل سليمان" مكان الأقصى، ويعمل على تهويد القدس والمساس بالأقصى والمقدسات.

هذا هو المخطط النهائي الذي يعده كوشنر وغرينبلات والسفير فريدمان الذي قالها علانية بأن أقصى ما سيقدم للفلسطينيين في صفقة العار التي تعدها إدارته هو حكم ذاتي مدني بشرط ألا يهدد أمن إسرائيل، وسياستهم هذه لن تتغير طالما بقينا فلسطينيين وعربا على هذا النحو من الانقسامات والخلافات ونكتفي بمجرد إطلاق بيانات التنديد والحديث عن فشل صفقة القرن وفشل ورشة المنامة.

نعود ونكرر لحماس بانها اذا لم تسع لإنهاء الانفصال ، والاتفاق مع السلطة على انتفاضة شعبية عارمة في الاراضي المحتلة حتى ننتزع استقلالنا بايدينا، فلا شك إننا لن نستطيع تجاوز هذا المنعطف الخطير الذي تمر به قضيتنا اليوم ،ستكون كارثة حقيقية على الشعب الفلسطيني لا قدّر الله. والله المستعان.